أسواق القدس.. رائحة التاريخ
نديم علاوي
في القدس، رائحة البخور تنبعث من مئات البسطات والمحلات التجارية التاريخية في البلدة العتيقة المحيطة بالمسجد الأقصى، وبسطات تزينها الأهلة والفوانيس التي ارتبط ظهورها في شهر رمضان الفضيل، وتجار يستغلون فترة الشهر لفتح أبواب محلاتهم التجارية امام حركة المصلين.
وتعج أسواق القدس في رمضان بالبائعين المتجولين واصحاب المحلات التجارية، ويحتشد الزبائن والزوار من كل المناطق يشترون من اسواق البلدة القديمة اثناء مرورهم عبرها الى المسجد الاقصى.
ورغم معاناة اصحاب المحلات التجارية المتواجدة في ابواب القدس، من عدم قدرتهم على ادخال البضائع وايصالها الى محلاتهم، بالإضافة الى الضرائب الباهظة التي يفرضها الاحتلال على اصحاب المحلات التجارية، الا ان الاسواق في رمضان تنتعش بفعل تجمع الناس والمصلين حول الاسواق التي تشتهر ببيع السلع الرمضانية.
ويرى تاجر التحف الشرقية المقدسي، رئيس جمعية تجار التحف الشرقية جواد أبو عمر، انه منذ انتفاضة الأقصى وبناء جدار الفصل العنصري وإلى اليوم وشهر رمضان يعتبر نواة الخير التي تنتعش فيها الحركة التجارية داخل اسواق القدس واسوارها.
واشار إلى أن الحركة الشرائية النشطة تتركز على مجالات الاطعمة والحلويات في بداية الشهر، فيما ينشط بيع الملابس والأحذية في البلدة القديمة مع اقتراب العيد.
واضاف، ان مجالات التجارة الاخرى في القدس تتأثر بالحركة السياحية المصاحبة لشهر رمضان، مطالبا الزوار بالشراء من القدس لتعزيز صمود الاهالي.
وتابع، شهر رمضان في اسواق القدس يضفي بهجة لا توصف ترتبط بقدسية المكان والمجسد الاقصى، وبالأجواء الدينية التي يزداد فيها تواجد المصلين في كل الاوقات داخل اسوار القدس واجواء بيع المأكولات التي يزداد الطلب عليها في رمضان مثل، القطايف والحلويات والعصائر الطبيعية.
وتعد اسواق القدس من أجمل الاسواق التي تتنوع معروضاتها التي ترمز لتراثها التاريخي والديني، وتحافظ على قدسية المكان خلال شهر رمضان.
إلى ذلك بين المدير العام للغرفة التجارية الصناعية في القدس لؤي الحسيني لـ"وفا"، ان الثقل التجاري في القدس خلال شهر رمضان يتركز في منطقة باب العامود، وخان الزيت وباب الواد، مشيرا الى ان هذه المناطق تشكل نقاط قوة تجارية لبيع السلع الغذائية والالبسة خلال رمضان.
واضاف، "حركة المقدسيين التجارية في شهر رمضان تستمر على مدار 24 ساعة يوميا، بينما في الايام العادية تتوقف الحركة بعد الساعة الخامسة مساء، لعدم قدرة السياح والحجاج من دخول القدس بسبب إجراءات الاحتلال".
واوضحت الاحصائيات التقريبية ان نسبة كبيرة من السائحين والزوار الذين يتوافدون الى القدس خلال الايام العادية تشتري من الاسواق الاسرائيلية، وفي المقابل خلال شهر رمضان تتدفق الحركة على المسجد الاقصى وبالتالي يزداد الشراء خلال عبور الوافدين.
واضاف، ان عددا كبيرا من المحلات التجارية التي يغلقها اصحابها في القدس بسبب الضرائب، تفتح في شهر رمضان وتنشط وتعاود الاغلاق في باقي الاشهر، منوها الى سوق الجزارين الذي تتواجد فيه عشرات المحلات التجارية التي ينشط البعض منها فقط.
وتابع، يعرض التجار المقدسيون عروضات خلال شهر رمضان على البضائع الفلسطينية، لاستقطاب الزوار والوافدين، كما ينشط كل سوق من اسواق القدس خلال الشهر الكريم، بنشاط تجاري معين، فسوق العطارين يختص ببيع البهارات وتباع فيه بسعر اقل من أي مكان آخر، وسوق باب الواد بالألبسة، وباقي الاسواق كذلك الامر، مشجعا المقدسيين على منافسة الاسواق الاسرائيلية في القدس مثل سوق "ماميلا" و"كينيون المالحة".
كما يظهر صمود المقدسيين وتجار القدس على ارضهم واضحا خلال الشهر الكريم الذي يعود فيه المجد لتلك الاسواق القديمة وعبقها التاريخي.
ووفق الحسيني فإن عدد المحلات في البلدة القديمة من القدس 2067 محلا، منها 601 مغلقة، أي ما نسبته 29%، منها ما ينشط خلال رمضان.