مسحرو القدس .. أصوات تصدح في سماء المدينة رغم مضايقات الاحتلال
نديم علاوي
مرتدين الكوفية والقمباز، يشرع مجموعة من الشبان المقدسيون فجر كل يوم من أيام شهر رمضان الفضيل في إيقاظ المقدسيين القاطنين في القدس العتيقة.
يطرق المسحراتيون طبولهم التي تصدح في كل مكان وتسرج فوانيس عتمة الليل، رغم مضايقات الاحتلال والتفتيشات التي يتعرضون لها بشكل متواصل من قبل شرطة الاحتلال.
عند الساعة الثانية والنصف من كل ليلة في رمضان يتوزع المسحرون في البلدة القديمة في اكبر 3 حارات اسلامية من البلدة، كما وكل عام في رمضان يأخذ المسحراتيون في القدس على عاتقهم التطوع وتسحير اهالي البلدة القديمة، غير آبهين لمخالفات الاحتلال التي يفرضها عليهم.
ويلقي المسحرون في البلدة اهازيج لا تغفل بال الأطفال في الصباح ومنها، "هلي هلالك يا رمضان شهر الرحمة والغفران"، "يا نايم وحّد الدايم"، "بسم الله وبدينا وعلى النبي صلينا"، وعديد من العبارات والتهاليل.
وتجسد صورة المسحر المقدسي في رمضان، حرية العبادة والحفاظ على تراث عربي واسلامي يحاول الاحتلال استهدافه من خلال الادعاء بإزعاج المستوطنين.
الشاب محمود بدر من سكان حارة السعدية في البلدة القديمة من القدس، يقوم بتسحير الاهالي منذ 3 سنوات، في حارة السعدية، وحي الشيح لولو، وعقبة الرصاص، والشيخ ريحان، وشارع العمرية، وشارع الواد.
وقال بدر لـ "وفا": "إننا 4 اشخاص نتطوع رسميا في تسحير الناس، وبدأت أنا رسميا في تسحير الناس في عام 2016، ولا أحد يدعمنا الا تشجيع الأهالي"
وأكد أن عمل المسحراتي يواجه المنع من قبل الاحتلال، وقال: "قبل ما نبدأ نسحر، يحذّرنا جنود الاحتلال من قرع الطبول وعدم رفع أصواتنا"، مشيرا الى أنه دفع في رمضان الفائت 475 شيقلا مخالفة بحجة ازعاج المستوطنين.
وتابع بدر: "نحن لا نسحّر الا في الحارات الاسلامية، وما عدا ذلك هو فقط شكاوى مستوطنين يكونون مارين في المكان اثناء تسحيرنا فيه، ونتفاجأ ثاني يوم أننا نجد شكاوى ضدنا".
بدوره، قال المسحر بهاء الدين نجيب من سكان باب حطة، إن الاهازيج والعبارات التي تلقى هي مقاطع يقتطعها المسحرون في القدس من اناشيد اسلامية تراثية تكون كاملة.
ويعمل نجيب في حارة باب حطة، ويوقظ ما يقارب 200 عائلة يوميا خلال شهر رمضان، ويواظب على العمل فيه منذ 8 سنوات.
وأضاف نجيب، أن الاحتلال هددني بالمنع من التسحير في الثاني من رمضان هذا العام بحجة ازعاج المستوطنين، ومنع 3 مرا ت خلال شهر رمضان من العام الفائت.
وأشار إلى أن التهديد بالمنع كان بسبب قيام مستوطنين كانوا مارين بالمكان، بتقديم شكوى ضده أثناء قيامه بواجبه الديني في تسحير الصائمين، رغم أنه يعمل في منطقة اسلامية.
وتقدر قيمة المخالفة التي يفرضها الاحتلال الاسرائيلي على المسحرين بحجة ازعاج المستوطنين 500 شيقل.
ورأى نجيب في التسحير أنه اثبات وتأكيد للتراث والهوية العربية والاسلامية، لافتا الى أن التسحير يخلق أجواء في البلدة القديمة اثناء شهر رمضان ذات طابع ورونق خاص.
أما المقدسي نضال حجازي الذي يعمل مسحراتي في البلدة القديمة، فبين أنه واجه مضايقات عدة من قبل المستوطنين، وكانوا يسكبون علينا مياه ساخنة ومياه صرف صحي، رغم عدم احداثه أي صوت خلال مروره بجانب المستوطنين.
وقال: إن جو البلدة القديمة بالمسحراتي هو الجو الرمضاني المميز في ظل البيوت والأسطح المضيئة وأهل القدس يزورون بعضهم البعض.
وأضاف حجازي خلال عملنا أثناء السحور، كان سكان البلدة يقدمون لنا الطعام والشراب، مثمنا دور المسيحين من أهالي البلدة الذين يقدمون الطعام للمسحراتيين.