اليوروفيجن
كتب: رئيس تحرير صحيفة "الحياة الجديدة"
واحد من ابسط وأوضح تعريفات الفن انه الوسيلة الإبداعية، الارقى والأكثر جمالا ونزاهة وشفافية، في التعبير عن المشاعر والعواطف الانسانية، سواء في حزنها وتلوعها ومراثيها، او في حبها وفرحها وتطلعاتها وسعيها نحو غاية المشتهى، والفن دون الانحياز لقيم الحق والعدل والجمال ، ودون الدفاع عن قضايا الحرية والتحرر، هو فن الخديعة والخطيئة معا، فليس بوسع الفن الذي هو تجليات الروح واحلامها، ان يقف الى جانب الظلم والقهر والعدوان، ليس بوسع الفن ان يغني العنصرية، وان يجمل قبح الاحتلال، وأن يربت على كتف جرائم الحرب، وإذا ما فعل ذلك كما ستفعل الأغنية الأوروبية في مسابقاتها اذا ما أقامتها في القدس المحتلة، كما تريد اسرائيل الاحتلال والاستيطان والعنصرية، فأنه ولا شك سيكون فن الروح الاستعمارية بثقافتها العنصرية ..!!!
ما تريده اسرائيل الاحتلال والاستيطان، من الأغنية الاوروبية ، ان تصادق على قانون القومية العنصري، وان تبارك لها دولة الأبارتهايد التي باتت عليها، وان تغني لسياساتها غير المشروعة والتي تنتهك القانون الدولي، وحقوق الانسان، وفي مقدمتها حق شعبنا الفلسطيني في تقرير مصيره، ما تريده اسرائيل هو هذا الامر تماما باستغلالها لهذا المهرجان الأوروبي وعلى هذا النحو الوقح والفج، وهذا ما ستفعله هذه الاغنية في مسابقاتها اذا ما أقامتها على ارض محتلة، لأنها بذلك ستتجاهل واقع الاحتلال الذي تعيشه المدينة المقدسة، والاسوأ انها ستغني هذا الواقع الذي ما زال يدمي أهل المدينة، اكثر من ذلك ستطعن هذه الاغنية طريق السيد المسيح عليه السلام ، طريق الالام بزعيق غايات اسرائيل العنصرية، مثلما ستحاصر كما شرطة الاحتلال وقواته، دروب الصلاة، الممتدة من بوابات المدينة حتى الصخرة المشرفة، والمسجد الأقصى، فأين الفن في كل ذلك ...؟؟ اليوروفيجن في القدس المحتلة امتثال مهين لإعلان ترامب اعتبار القدس عاصمة لدولة الاحتلال، وتسويق معيب لصفقته الفاسدة، بوسع اتحاد إذاعات الدول الأوروبية ان يوقف هذه السقطة الاخلاقية قبل فوات الأوان، ولا نظن ان تراث شوبان ولا بيتهوفن ولا اديث بياف، ولا حتى نواح الجاز ومشاكسات الراب، لا نظن ان كل هذا الذي ابدعته الموسيقى الأوروبية والغربية عموما، ستقبل بمسابقات للاغنية اذا ما ترامى صوتها بين البيوت والجوامع والكنائس التي تئن من وطأة الاحتلال الثقيلة والبغيضة، وتتجرح كل يوم جراء سياساته العنصرية . لا يعيش الفن على جسد الفجيعة، ولا يغني لسياسات القتل والعدوان، وانما يغني للحرية اذا ما أراد خلودا بجائزة القيم الانسانية النبيلة .