غرينبلات .. تغريدة بليدة واعتراف بالعجز
كتب: رئيس تحرير صحيفة "الحياة الجديدة"
غرد مبعوث الرئيس الأميركي للشرق الأوسط، "جيسون غرينبلات" على تويتر، الأسبوع الماضي، متهما حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" بأنها تخرب "صفقة القرن" والحق أنها تغريدة بليدة، لكنها تكشف عن حقيقة عجز الإدارة الأميركية على تمرير صفقتها الفاسدة وبقدر بلادتها هذه، فإنها وفي إطار التذرع، تبعث على الشفقة والسخرية معا، بحكم أنها اكتشفت (...!!) ما لا يحتاج إلى أي اكتشاف بحقيقة واقعه المعلن، الذي بات يعرفه العالم أجمع، منذ أن قال الرئيس أبو مازن "إذا كان وعد بلفور المشؤوم، قد مر فإن هذه الصفقة لن تمر".
ولن نجادل "غرينبلات" بهذا الأمر، ولن نرد هذه التهمة المشرفة، وسنقول له: بالطبع خربت حركة فتح "صفقة القرن" بمعنى أنها تصدت لها، وأشهرت تحديها لأصحابها وهم أصحاب القوة العظمى، وستخرب "فتح" وبمعنى ستتصدى لكل ما ستحاول هذه الصفقة أن تفعل كي تنجو بجريرتها، لأنه ببساطة ووضوح شديد من يستطيع ذلك سوى "فتح" بشعبها الصامد البطل، وبالكل الوطني في خندق المواجهة والتحدي، من سوى "فتح" يحقق ذلك وقائدها الرئيس أبو مازن شامخا "بقلمه وقرشه الأبيض" قلمه الذي لا يوقع سوى على ما تريد فلسطين، من دولة حرة وسيدة، بعاصمتها القدس الشرقية، و "قرشه الأبيض" الذي يبقيه لعائلات الشهداء والأسرى، ولو كان به خصاصة.
ومثل تغريدة "غرينبلات" فإن بطاقة الدعوة الأميركية للورشة الاقتصادية التي تريدها في "المنامة" تكشف عن اعتراف أميركي آخر بعجز الصفقة الفاسدة وفشلها، إذ نص الدعوة يتحدث عن البحث في سبل دعم الاقتصاد الفلسطيني، وتطبيق قرارات هذا الدعم بعد الاتفاق السياسي ..!! وبما يعني أن الإدارة الأميركية ذاتها لم تعد ترى أن هناك صفقة اسمها صفقة القرن، وهي تتحدث عن اتفاق سياسي، وحتى دون أن تقول ما هي سمات هذا الاتفاق وسبل تحقيقه ..!!
ولعل الحال المزري الذي وصلت إليه سياسات ترامب "الصفقوية" إن صح التعبير هو ما دفع بالصحفي الاسرائيلي "بن كاسبيت" لأن يكتب "إن الرئيس أبو مازن يلقن "ترامب" دروسا في السياسة الشرق أوسطية"، والواقع أن الرئيس أبو مازن الذي لا يخطئ صواب الموقف السياسي، وهو يوظفه لصالح قضية شعبه وأهدافه العادلة، لا يريد أن يلعب دور المعلم في هذا الإطار، وإن كانت في سياساته دروس بليغة، لمن يريد تعلم السياسة على أصولها وصوابها، ولعل الرئيس الأميركي يغتنم هذه الفرصة، وأن يقرأ ما كتبه "بن كاسبيت" وإذا ما أراد التنور أكثر عليه أن يقرأ بلا غطرسة العنصرية، ما كتبه غازي العريضي، وما قاله خلدون الشريف، وغير ذلك عليه أن يدقق بمواقف الدول العربية التي دعاها "لورشة البحرين"، وإن كان الاحتمال والتوقع، أنها ستحضر في هذه الورشة بتمثيل أدنى، فهي جميعها تعلن أنها لن تقبل بما يرفضه الفلسطينيون، ولن تقبل بغيرما يقبلون به، وما يقبل به الفلسطينيون، ليس غير دولة حرة وسيدة، على حدود الرابع من حزيران، بعاصمتها القدس الشرقية، وبالحل العادل لقضية اللاجئين وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية. نقطة وأول السطر.
لا صفقة ظلت، ولا ورشة ستبقى، وسنكون بانتظار الاعتراف الأميركي الحاسم، بحقيقة قلم الرئيس أبو مازن الذي دون توقيعه، لا مشروع بوسعه ان يمر، اذا ما كان يستهدف تصفية القضية الفلسطينية، حتى لو كان بأبهى الشعارات والعناوين، ولو حمل كل أموال الدنيا في وعوده، والفلسطينيون ما كانوا ولن يكونوا أبدا ليشتروا سمكا في البحر.