الإعلان عن مراسم وداع وتشييع القائد الوطني المناضل الكبير اللواء فؤاد الشوبكي    "مركزية فتح": نجدد ثقتنا بالأجهزة الأمنية الفلسطينية ونقف معها في المهمات الوطنية التي تقوم بها    17 شهيدا في قصف الاحتلال مركزي إيواء ومجموعة مواطنين في غزة    الرئيس ينعى المناضل الوطني الكبير اللواء فؤاد الشوبكي    سلطة النقد: جهة مشبوهة تنفذ سطوا على أحد فروع البنوك في قطاع غزة    و3 إصابات بجروح خطيرة في قصف الاحتلال مركبة بمخيم طولكرم    الرئيس: حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة سيسهم في بقاء الأمل بمستقبل أفضل لشعبنا والمنطقة    "استغلال الأطفال"... ظاهرة دخيلة على القيم الوطنية وجريمة يحاسب عليها القانون    "التربية": 12.799 طالبا استُشهدوا و490 مدرسة وجامعة تعرضت للقصف والتخريب منذ بداية العدوان    الاحتلال يشرع بهدم بركسات ومنشآت غرب سلفيت    الاحتلال يعتقل شابا ويحتجز ويحقق مع عشرات آخرين في بيت لحم    10 شهداء في استهداف شقة سكنية وسط غزة والاحتلال يواصل تصعيده على المستشفيات    استشهاد مواطن وإصابة ثلاثة آخرين خلال اقتحام الاحتلال مخيم بلاطة    الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد بالأغلبية قرارين لدعم "الأونروا" ووقف إطلاق النار في غزة    الاحتلال يعتقل 10 مواطنين من الضفة بينهم مصاب  

الاحتلال يعتقل 10 مواطنين من الضفة بينهم مصاب

الآن

حصاد الألغام

نص: رشا حرز الله، تقرير: فاطمة إبراهيم

"خطر.. حقل ملغوم"، عبارة تحذيرية خطت على لافتات معدنية أحاطت بحقل ألغام بمحاذاة الطريق الرئيسي الواصل بين مدينتي نابلس وجنين.

لكن هذه التحذيرات لم تمنع وقوع الفاجعة، فقد حصدت الألغام أرواح الشقيقين نضال ونزار سواركة وابن عمهما محمد.

في العام 1987 قدمت تمام سواركة مع أطفالها الأربعة إلى فلسطين، بناء على طلب عائلتها عقب وفاة زوجها، لتكون قريبة منهم. استقرت العائلة في بلدة عرابة، في منزل لا يبعد سوى أمتار عن حقل ألغام زرعه الجيش الأردني عام 1967 ليعيق دخول دبابات جيش الاحتلال الإسرائيلي، وهو واحد من بين 16 حقلا في الضفة الغربية.

علمت سواركة (65 عاما) بوجود الحقل، ولم تنفك عن تحذير أطفالها من الاقتراب من تلك المنطقة، غير أن نضال الذي لم يكن يتجاوز العاشرة من العمر في ذلك الوقت، غافلها وذهب برفقة ابن عمه ليحضرا الكرة التي كانا يلعبان بها، والتي سقطت داخل الحقل، ليدوي بعدها انفجار شديد وتتطاير معه أشلاء نضال ومحمد.

بدأ الناس بالتجمهر لمعرفة ما الذي حدث، بعضهم يصرخ ويستنجد بالإسعاف، وآخرون يحاولون تقديم المساعدة للجرحى، هكذا تصف تمام المشهد، والتي راحت تبحث عن ابنها وتسأل الجيران والناس المحيطة عنه، لتعرف بعدها أن جسدي طفلها وابن عمه تطايرا بفعل الانفجار واستشهدا على الفور.

تقول: "لم أستطع رؤيته ولا وداعه، تخيلوا كيف كان شعوري في تلك اللحظة، أحضرت كل أوراقه من الأردن وجئت به إلى هنا ليعيش حياة آمنة، لكنها إرادة الله".

بالكاد استطاعت الأم استيعاب الأمر وظلت حبيسة الحزن لسنوات، وعندما بدأت تتماسك وتعود لحياتها الطبيعية، كان لغم آخر يتربص بعائلتها ويعيدها إلى نقطة البداية.

منتصف ليلة التاسع والعشرين من شهر آب/ أغسطس من العام 2008، خرج ابنها الثاني نزار لقضاء أمر ما تجهله الأم، ولدى مروره بالشارع الرئيسي المحاذي للحقل انفجر به لغم أرضي، مزقه أشلاء كما فعل بشقيقه، فاستشهد على إثرها.

"رغم قوة الانفجار حسبما قالته بناتي لكنني لم أسمعه. كنت نائمة، أيقظني صوت الضجة في الشارع وسيارات الإسعاف. نهضت وأسرعت لغرفة نزار أخبره بما يجري فوجدت سريره فارغا، وحسبت أنه ذهب ليرى ما الحدث، ثم بدأ الناس يتناقلون اسمه على أنه مصاب، لكنه استشهد"، تقول الأم.

وتذكر تمام سواركة أن جنود الاحتلال الإسرائيلي قبل إخلاء المكان لم يكونوا يحذرون الناس من الاقتراب من الحقل، ولم يحاولوا منعهم، حتى أن أحد الأشخاص من بلدة عرابة انفجر به لغم أثناء تواجدهم، لكنهم تركوه ينزف إلى أن جاءت سيارة إسعاف فلسطينية ونقلته إلى المستشفى، وعلمت لاحقا أنه فقد بصره وبترت يده.

فقدت تمام "السند" ،هكذا تقول، يلازمها الحزن منذ ذلك الوقت، لكن ابتسامة ارتسمت على وجهها منذ أن عرفت أنه ومع نهاية شهر آب/ أغسطس المقبل، سيصبح "حقل الموت" خاليا تماما من الألغام، حفاظا على أرواح الناس، وحتى يتمكن أصحاب الأرض من استعادتها والاستفادة منها.

فقبل أسابيع عدة، باشرت الجهات المختصة بالعمل على إزالة الألغام من الحقل، بعد أن ظلت دولة الاحتلال تعارض ذلك لأكثر من نصف قرن.

وحقل ألغام عرابة واحد من بين 16 حقلا منتشرا في الضفة الغربية، جرى إزالة الألغام من 6 حقول، إلى جانب 68 حقلا على الحدود الشرقية مع الأردن، يرفض الاحتلال إزالتها ويعلنها منطقة عسكرية مغلقة، كذلك هناك 8 كنائس وأديرة في منطقة المغطس شرق مدينة أريحا، وهذه سينتهي العمل بها وتسليمها إلى المجلس الأعلى للكناس في آب المقبل.

يقول رئيس المركز الفلسطيني لمكافحة الألغام أسامة أبو حنانة إنه جرى إزالة 26 لغما مضادا للأفراد والدروع من حقل عرابة لوحدة، بالتعاون مع منظمة "هالو ترست" العالمية لمكافحة الألغام، والعدد يفوق ذلك بكثير، مضيفا أن أخطر أنواع الألغام ما يعرف بـ"السردين" شديد الانفجار.

ووضح أنه يتم الاستعانة لإزالة الألغام بآليات وجرافات ومعدات ثقيلة، كون الظروف الجوية ساهمت في سقوط اللغم إلى مستويات يصعب الوصول إليها الا باستخدام تلك الأدوات.

ويشير أبو حنانة إلى أن المملكة الأردنية سلّمت دولة فلسطين ثلاث خرائط لثلاثة حقول فقط، وما تبقى يتم الاعتماد على الخبراء في تحديد مكان الألغام، ولا يتم تسليم الأرض إلى أصحابها إلا عقب التأكد مرات عديدة من خلوها تماما.

وبحسب الخطة المعدة لدى المركز الفلسطيني لمكافحة الألغام  التابع لوزارة الداخلية، فإن العام 2021 سيكون عام الإعلان عن فلسطين خالية من الألغام.

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024