تصريحات "كوشنير" حول المبادرة العربية.. تعرّية جديدة للمؤامرة الأميركية
- عريقات: كوشنير لا يلتزم بمبادرة السلام العربية لأنه يلتزم بمبادرة مجالس الاستيطان الاسرائيلي
عماد فريج
قال مستشار البيت الأبيض، جاريد كوشنير، في مقابلة تلفزيونية، "اعتقد أننا جميعا علينا أن نعترف بأنه إن كان من الممكن التوصل لاتفاق، فإنه لن يكون على غرار مبادرة السلام العربية. سيكون في منطقة وسط بين مبادرة السلام العربية وبين الموقف الإسرائيلي". في إشارة واضحة إلى أن "خطة السلام" الأميركية لن تتبنى مبادرة السلام العربية.
تأتي تصريحات كوشنير، بالتزامن مع انعقاد "الورشة الاقتصادية الأميركية"، في العاصمة البحرينية المنامة، التي تطرح "الشق الاقتصادي" مما يسمى "صفقة القرن"، المرفوضة فلسطينيًا جملةً وتفصيلاً.
المبادرة العربية، أطلقت في قمة بيروت عام 2002، ودعت إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ الرابع من حزيران 1967 وتكون عاصمتها القدس الشرقية، وحل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين، إلى جانب الانسحاب الكامل من الجولان السوري والأراضي التي لا تزال محتلة في جنوب لبنان.
وتتمسك القيادة الفلسطينية بمبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية، كأساس للوصول إلى سلام عادل وشامل مع إسرائيل.
وطالب الرئيس محمود عباس، مرارا وتكرارا، بتطبيق مبادرة السلام العربية بحذافيرها، "من الألف إلى الياء وليس العكس"، أي إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967 عاصمتها القدس الشرقية، وحل عادل لقضية اللاجئين، قبل إنشاء علاقات طبيعية بين الدول العربية وإسرائيل.
وفي تعقيبه على تصريحات كوشنير، قال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات: "طبعا كوشنير لا يلتزم بمبادرة السلام العربية، لأنه يلتزم بمبادرة مجالس الاستيطان الاستعماري الاسرائيلي".
وأضاف: آمل من أولئك الذين لم يتمكنوا من قول "لا" لكوشنير، صهر رئيس أميركا، أن يستخدموا مهارتي السمع والقراءة، بالنسبة لكوشنير، من قال له "نعم" ضد مصالحه الوطنية الحقيقية، فإنه أمر طيب لمواصلة اللعب في دوائر الكذب.
وجدد عريقات التأكيد على الموقف الرسمي الفلسطيني الواضح بعدم المساومة على الحل السياسي العادل والدائم، وقال: "إن أية خطة تتضمن عناصر إنهاء القضية الفلسطينية وإلغاء وجود شعبها مرفوضة سلفاً من الجانب الفلسطيني، وغير قابلة للنقاش أو التفاوض".
وأشار إلى أن الإدارة الأميركية تدّعي معرفة ما هو الأفضل لمصلحة الشعب الفلسطيني، في الوقت الذي لم تدن به انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي من سرقة ومصادرة الأرض والموارد الطبيعية، وتوسيع الاستيطان الاستعماري وحرمان شعبنا من حقوقه الأساسية.
وأضاف عريقات، "ان ما تدافع عنه الإدارة الأميركية هو قراراتها الأحادية وغير القانونية، وتطبيع ودعم المشروع الاستيطاني الاستعماري، من أجل ترسيخ الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين".
وقال عريقات: "رغم هذه الحملات التحريضية التي تهدف إلى إذعان وتركيع شعب فلسطين وقيادته للإملاءات والتهديدات الأميركية والإسرائيلية، إلا أن شعبنا ملتزم بالدفاع عن حقوقه غير القابلة للتصرف، خاصة حقه في تقرير المصير، وحق دولته في الوجود، وسيفشل جميع هذه المحاولات كما أفشل غيرها على مرّ التاريخ".
من جهته، قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، الأمين العام لجبهة التحرير الفلسطينية واصل أبو يوسف، "إن "التصريحات المتكررة لأركان ما يسمى صفقة القرن كوشنير وغرينبلات وفريدمان، تؤكد أن الهدف الأساسي من الصفقة وورشة البحرين هو محاولة تصفية القضية الفلسطينية وحرف الأنظار عن أهمية إنهاء الاحتلال ووجود سلام وأمن واستقرار في المنطقة يستند إلى حقوق الشعب الفلسطيني وقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي، خاصة حق عودة اللاجئين وحق تقرير المصير وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس".
وأضاف في حديث لـ"وفا"، إن تصريحات كوشنير حول مبادرة السلام العربية تعطي وضوحا فيما يتعلق بأسس وآليات ما تسمى صفقة القرن التي تتجاوز كل ما له علاقة بحقوق الشعب الفلسطيني وبمحاولة فرض تطبيع على الدول العربية قبل أن يتم إنهاء الاحتلال.
وتابع أبو يوسف: "هذه رسالة واضحة لكل الدول العربية التي تشارك الآن في ورشة البحرين بأن هناك تجاوزا لكل ما له علاقة بقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي ومواقف العرب وقرارات القمم العربية ومجالس وزراء الخارجية العرب التي أكدت دائماً أن القضية الفلسطينية هي قضية مركزية لكل الأمة العربية ولا يمكن القبول أن تكون هناك اختراقات".
بدورها، أكدت الأمينة العامة لحزب الاتحاد الديمقراطي الفلسطيني "فدا" زهيرة كمال، أن الولايات المتحدة الأميركية تثبت مرة أخرى بأنها ليست وسيطاً نزيهاً لعملية السلام، في ظل انحيازها ودعمها لإسرائيل، مشيرةً إلى أن مبادرة السلام العربية كانت الحل الوسط وتضمنت الحد الأدنى للمطالب الشرعية الفلسطينية من أجل الإبقاء على حل السلام القائم على أساس الدولتين لشعبين، وحق عودة اللاجئين الفلسطينيين.
وقالت في حديث لـ"وفا": إن القفز عن مبادرة السلام العربية والهرولة باتجاه تطبيع العلاقات مع إسرائيل وضم أراض فلسطينية جديدة وإعلان القدس عاصمة لدولة إسرائيل، كل هذه الإجراءات تؤكد عدم إمكانية الوصول إلى تفاهم سياسي واضح قائم على حقوق الشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها حقه في تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
وثمنت كمال الموقف الشجاع الذي اتخذته عدد من الدول العربية بمقاطعة ورشة البحرين وعدم الرضوخ للضغوطات الأميركية، مشيرة إلى أن الشعوب العربية كافة تساند شعبنا الفلسطيني وتعارض ما تسمى "صفقة القرن".
ولفتت إلى أن مشاركة عدد من الدول العربية في الورشة هي طعنة في ظهر الشعب الفلسطيني ونضاله من أجل نيل حقوقه المشروعة.
من جانبه، قال عضو المكتب السياسي لحزب الشعب وليد العوض: "ما زالت الإدارة الأميركية تحاول ترميم هذه الصفقة التي وصلت إلى طريق مسدود بفعل الموقف الفلسطيني الثابت رسميا وشعبيا، وكل المحاولات التي تبذلها الولايات المتحدة الأميركية لإحياء هذه الصفقة بخطوات متسارعة تحمل مؤشرات أن الصفقة لم تتقدم بشكل ملموس وفقا لما أراده ترمب".
وأوضح في حديث لـ"وفا"، أن الإدارة الأميركية تسارع لوضع ركائز لهذه الصفقة قبل نهاية هذا العام، قبل الانتخابات الأميركية الجديدة، لافتا إلى أن المساعي التي يتحدث عنها فريق ترمب هي محاولة للتناغم مع هرولة بعض الدول العربية للتطبيع وايهامها أنهم يتقدمون باتجاه المبادرة العربية.
ولفت العوض إلى أن المبادرة العربية مثلت الحد الأدنى الذي يمكن القبول به فلسطينيا، وجاءت منسجمة إلى حد كبير مع قرارات الشرعية الدولية، مشيراً إلى أن المسعى الأميركي الآن هو استبدال قرارات الشرعية الدولية والمبادرة العربية، بمشروع ترمب الهادف إلى تصفية القضية الفلسطينية.
وأكد أن المحاولة الأميركية لن تنجح، لأن هناك دولا عربية لا يمكن أن توافق على تعديل المبادرة العربية من جهة، كما أن الموقف الفلسطيني الثابت سيسقط أي محاولة للالتفاف على الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني والتي مثلت المبادرة العربية حدها الأدنى.
واستهجن العوض مشاركة دول عربية في الورشة الأميركية في البحرين. وقال: "لا يمكن لنا أن نتفهم أي دوافع لأي دولة عربية شاركت في ورشة البحرين، فهذا انزلاق نحو ما تخطط له الولايات المتحدة الأميركية".
وأضاف، "الدول العربية التي تتهرب من دفع استحقاقات شبكة الأمان المالية وفق قرارات القمم العربية، تقدم مليارات الدولارات لنجاح صفقة ترمب. هذا مرفوض والشعب الفلسطيني لا يقبل بأي شكل من الأشكال من أي دولة عربية كانت أي مبرر لهذه المشاركة، لأن السقف واضح، وبالتالي الذهاب تحت هذا السقف هو ذهاب تحت سقف الصفقة الأميركية".