كريمة نواف العامر تتمنى تحرره لمشاركتها فرحة التخرج من قسم الصحافة
جنين –تقرير علي سمودي
متمسكة بوصية والدها ، اصرت الطالبة اشواق على المثابرة والجد والاجتهاد لتحقيق النجاح والحلم الذي تمنته طويلا لتصبح صحيفة كوالدها الذي تتمنى في هذه الايام ان يتحرر من جحيم السجون وقيود الاحتلال التي تحرمها منه ، لعل الاب الحنون والمعلم الراعي والصحفي المتميز نواف ابراهيم محمد عامر يشاركها اللحظة التي انتظرها سنوات طويلة وهي رؤيتها تتخرج من جامعة النجاح الوطنية لتشاركه المشوار الاعلامي في ايصال وترجمه قضية شعبها وخدمه وطنها وبلدها . في منزل العائلة في قرية كفرقليل تصلي اشواق مع والدتها واشقاءها السبعة لحرية الوالد والزوج الذي انتزعه الاحتلال من بينهم قبل 6 شهور ، وغيبه خلف القضبان بقرار اعتقال اداري بذريعة الملف السري .
الحلم والامل
وتقول اشواق " منذ صغري ، وبعدما شاهدت عظمة دور ابي وهو يؤدي دوره الاعلامي الوطني ، وتلمست اهمية رسالة الصحافة ترسخت لدي قناعة وحب كبير لاتعلم الصحافة واصبح كابي الذي شجعني مع والدتي وتعلمت منه الكثير حتى اصبح يسميني الصحفية الصغيرة ، التي كبرت وكبر لديها الطموح والحلم والامل رغمخ الكثير من المصاعب والمشاق ، ففي كل محطة كان يعايشها ابي خلال مسيرته الاعلامية كان يتعزز لدي الشعور باهمية مهنة المتاعب وبالدور الكبير الذي تشكله الصحافة التي تعتبر السلطة الرابعة "، وتضيف " التحقت بالجامعة وتقدمت بخظى واثقة بدعم ورعاية وتوجيه وتشجيع والدي الذي علمني الكثير واكسبني مهارات جعلتني انهي دراستي خلال 3 سنوات ونصف ، ولكنني تالمت كثيرا عندما انتزع الاحتلال ابي واعتقله في نهاية مرحلة دراستي وخلال استعدادي للمنعطف الهام في اخر اعوامي الدراسية ".
النجاح والتحدي
بدعم وتشجيع الوالدة والاسرة ، نجحت اشواق في تجاوز اثار فرقة والدها وغيابه والحنين اليه كونها ممنوعه امنيا من زيارته ، وتقول " رغم ما زرعه فينا والدي من روح ايمان ووفاء وتحدي وما نتمتع به من صبر واحتساب ومعنويات ولكننا بشر نتاثر ، ولذلك تاثير اكثر قساوة عندما يتعلق بالاب الراعي والمعلم ، احزنني اعتقاله التعسفي الظالم ، ولكن روحه تسكن معي ، لازمتني في كل خطوة خلال استعدادي للامتحانات في العام النهائي ، وكان هدفي الاول والاخير تحقيق حلم ابي ليبقى يفخر بي في سجنه ، فالتفوق والنجاح هو اكبر هدية لوالدي لانها عنوان للارادة والاصرار على الحياة وكسر اهداف سياسات الاحتلال من الاعتقالات "، واضافت " يريدون تدمير الاسير وعائلته ، وتمزيق الروابط الاجتماعية وتفريغنا كاهالي اسرى بسبب الالم والحزن والمعاناة وقهر السجون وسياسات السجان من روح الانتماء الوطني وتحويل حياتنا لجحيم ، ولكن بحمد الله صبرت وواصلت دراستي لافخر وانا ازف لوالدي في سجنه نبا نجاحي وامنيتي الكبيرة ان يتحرر قريبا ويشاركني اجمل لحظة تتمناها وتنتظرها كل فتاة ، فالسجن قادر على حرماننا ابي ولكنه لن يمنعنا فرحة النجاح التي يمكن تاجيلها ولكن في النهاية لن يغلق سجن بابه على احد ، وسيعوضني ابي لانه سيعود الينا قريبا ".
استهداف الصحفيين
نفس المشاعر والامنيات ، تنتاب كل فرد في عائلة الاعلامي نواف العامر الذي يدفع ضريبة استهداف الاحتلال للصحفيين لمنعهم من تادية دورهم ورسالتهم وواجباتهم تجاه شعبهم وقضيتهم ، ففي سجل نواف صفحات طويلة من رحلة المعاناة على بوابات السجون جراء قلمه الحر وكلمته الشريفة المخلصة الشجاعه ، واصراره دوما على الانحياز لشعبه وقضيته وخاصة المعتقلين الذين كان يتحدث عنهم ويبرز قضيتهم وهو الاكثر قدرة على التعبير عنهم لانه عاش معهم وكان مثلهم والشاهد الحي على صمودهم وتضحياتهم ومعاناتهم ، كما تقول الزوجة الوفية ام موسى التي قاسمته على مدار سنوات عمرها محطات العطاء كاعلامي في سبيل وطنه وقضيته وكاسير يؤدي الرسالة والامانه على طريقته الفلسطينية الخاصة منذ ولادته في قرية كفرقليل عام 1962 ، وخلال نشاته ورحلة شبابه التي قرر فيها ان يصبح صحفيا في مهنة البحث عن المتاعب ، فكان له الاحتلال بالمرصاد ، ملاحقة واعتقال وابعاد لكنه استمر في مواصلة المشوار .
محطات الاعتقال
تحتفظ ذاكرة ام موسى بتواريخ كل محطات الاعتقال لرفيق دربها الاعلامي نواف التي كان اولها في 3- 7- 1988 ،وتقول " اعتقلوه من البيت وامضى 35 يوماً داخل أقبية التحقيق في سجن طولكرم العسكري، وفور الافراج عنه ، عاد لمواصلة رسالته الاعلامية فكانت البداية مع مكتب نابلس للصحافة الذي أغلقه الاحتلال لاحقاً ،ورغم عدم ادانته باي تهمة تكرر اعتقاله لمرات عديدة ، وبين التجربة والاخرى لم يتخلى عن قلمه ورسالته ، في سجنه كان يترجم عذابات الاسرى ، وفي تحرره يساهم في نشر اخبار وطنه وشعبه ويساهم بالنهوض بالاعلام الفلسطيني ودوره "، وتضيف "خلال الانتفاضة الاولى اعتقل ورغم عدم ادانته باي تهمة ، ابعد عام1992 مع أكثر من 400 من ابناء الشعب الفلسطيني على الحدود اللبنانية الفلسطينية ليقيموا في مخيم ( مرج الزهور) ، ومن هناك عرف العالم بالجامعات والمعاهد والحياة الجديدة التي رسمها المبعدون ، بقلمه وقصصه ترجم تلك التجربة التي لم يؤثر عليها حتى مرضه الذي اشتد عليها ، وبسبب ظروفه الصحية الصعبة كان نواف من أوائل العائدين إلى أرض الوطن من رحلة الإبعاد، لكن لا ليعود لأحضان أسرته، بل ليزج به في سجن الجنيد لمدة14 شهراً رهن الاعتقال الظالم ".
حياة التحدي
في كل المحطات ، صمدت ووقفت ام موسى لجانب زوجها ، ترعى وتكرس حياتها للابناء الثمانية ، وتواصل مشوار العمر على امل اللقاء دوما ، وتقول " وقف نواف لجانبي في كل المواقف ورفع معنوياتي ، وتجاوزنا كل المحن رغم معاناة الاطفال في غياب والدهم ولكنهم تفهموا وافتخروا دوما بوالدهم الذي عمل بعد تحرره مراسلا لصحيفة القدس ، حتى تكرر اعتقاله وتفاقمت معاناتنا في غيابه "، وتضيف " ولانه كان يؤمن برسالته وقضيته كاعلامي ، رفض الانزواء واستمر في العطاء ،وفي 2006 عمل مع وكالة رامتان للأنباء، حتى وصوله إلى محطته الأخيرة التي كانت في قناة القدس الفضائية . حيث عمل فيها كمنسق للبرامج والإنتاج في الضفة الغربية منذ 2008 وحتى تاريخ اعتقاله ".
الاعتقال الاخير
وبين عمله الاعلامي ، وتطوعه مع مؤسسات وفعاليات مختلفة في ابراز قضايا وهموم المجتمع والشعب الفلسطيني وخاصة قضية الاسرى التي كان يمنحها الكثير من وقته وحياته ، فرح نواف كثيرا وهو يشاهد النجاح تلو الاخر لابناءه ، فاحتقل بتخرج باكورة موسى الذي يدرس حاليا ماجستير رياضة في ايطاليا ، وبعده تخرج ابراهيم حاملا بكالوريوس قانون ، وبينما يتابع باقي الابناء دراستهم ، كانت تستعد اشواق لعامها الاخير في الجامعة ، لكن العائلة استيقظت فجر 28-6-2011 ، على صوت طرق شديد على بوابة المنزل ، وتقول الزوجة ام موسى " بدأت طرقات عنيفة تنهال على باب المنزل ، فإذا بهم جنود الاحتلال، يدفعون الباب بأعقاب بنادقهم ، انتزعوا نواف واقتادوه الى السجن وقبل ان تشرق شمس اليوم الثاني من اعتقاله حولوه للاعتقال الاداري لمدة 6 شهور والذي خفض لاربعة ".
زهراء تنتظر
مع اقتراب موعد نهاية الاداري ، قررت الصغيرة زهراء التي ترتبط بعلاقة وثيقه مع والدها تاجيل عيد ميلادها لعلها كما تقول والدتها " تحظى بمشاركة والدها الذي اعتقل زورا وبهتانا ودون تهمة ، ورغم كونها اصغر الابناء كانت اكثرهم حزنا وتاثرا لغياب والدها ، تبكي كلما حان موعد النوم ، وعندما تنهض تسال وتردد ابي ، ورفضت اطفاء شموع عيد ميلادها وجلست تنتظر ولكنها بكت بشدة عندما علمت ان السجان الاسرائيلي منحه اربعة اشهر جديدة ، تعني حرمانها حضن وحنان الوالدة لفترة اخرى "، وتضيف " فتعلقها به جعلها تظن أن كل سيارة قادمة من بعيد تقل أبيها، وحين تبتعد السيارة عن ناظريها، تبكي بحرقة ظنا منها أن بابا ذهب ولا يريد أن يراها".
التجديد الثالث
رفضت سلطات الاحتلال طلب محامي نواف بالكشف عن المواد السرية التي استخدمتها كذريعة لتمديد اعتقاله الاداري الثاني ، وتقول ام موسى "منذ اعتقال نواف لم يخضع لتحقيق او استجواب ولم تصدر بحقه لائحة اتهام ، وكل جلسة محكمة تعقد تزعم الادارة وجود ملف سري ولكنها رفضت الكشف عن حيثياته لان الواقع يؤكد ان اعتقال زوجي غير قانوني وجزء من حرب الاحتلال ضد الصوت والاعلام الفلسطيني "، واضافت " يعاني نواف من عدة أمراض، أهمها السكري ويتناول يوميا عدة أدوية، ويحتاج إلى عناية خاصة تفتقد إليها سجون الاحتلال التي يواجه الأسرى فيها إهمالاً طبياً متعمدا، ورغم معاناة نواف مع المرض الى ان ذلك لم يشفع له عند الاحتلال الذي لا يعرف أي معنى للانسانيه فقد جددت سلطات الاحتلال الاعتقال الاداري له للمرة الثالثه على التوالي لمدة ثلاث اشهر اخرى.."
اين مؤسسات حقوق الانسان
لم تجدي نفعا عبارات الشجب والاستنكار في التاثير على قرار المحكمة بحق الصحفي العامر ، وتقول زوجته " لا يوجد شريعة او قانون تجيز اعتقال الصحفيين ، وان التصعيد الممنهج ضد الصحفيين والاعلاميين الفلسطينيين ، هو نتاج الحصانة التي يشعر بها قادة الاحتلال في ظل صمت المجتمع الدولي بما في ذلك المؤسسات الدولية ذات الصلة التي يبدو انها تتعامل مع إسرائيل كدولة فوق القانون ، وعلى المنظمات الدولية ذات العلاقة، مثل الاتحاد الدولي للصحفيين ومنظمة مراسلون بلا حدود ضرورة رفع صوتها والقيام بتحركات وإجراءات عملية لوقف جرائم الاحتلال بحق الإعلاميين الفلسطينيين والتدخل الفاعل من أجل الإفراج عن المعتقلين منهم".