ترمب ونتنياهو يتبادلان الهدايا الانتخابية على حساب القضية الفلسطينية
عماد فريج
مرة أخرى، يتبادل الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الهدايا الانتخابية على حساب القضية الفلسطينية ومعاناة شعبنا تحت الاحتلال.
فمن جهة، كشف مسؤول أميركي أن ترمب سيعلن من خلال صفقته المزعومة للسلام قريبا "موافقته على منح الفلسطينيين كيانا وليس بالضرورة دولة"، ليرد نتنياهو بمقترح لإقامة مشاريع بناء للفلسطينيين في المناطق المسماة (ج) في الضفة الغربية مقابل توسيع البناء داخل المستوطنات الإسرائيلية، ولسان حاله يقول: "أنا صاحب السيادة على هذه الأرض".
وبالتزامن مع وصول مستشار البيت الأبيض جاريد كوشنر إلى إسرائيل، في إطار جولته الشرق أوسطية لحشد الدعم لـ"صفقة القرن"، صادقت حكومة الاحتلال على مقترح نتنياهو. في الوقت ذاته، أفادت مصادر عبرية بأن جولة كوشنر تتضمن الإعلان عن عقد مؤتمر في كامب ديفيد، قبل الانتخابات الإسرائيلية منتصف أيلول المقبل، يعلن ترمب خلاله الخطوط العامة لصفقة القرن.
توقيت عقد هذا المؤتمر قبل انتخابات الكنيست الإسرائيلية، لم يأت مصادفة، إنما يهدف إلى دعم نتنياهو في الانتخابات المقبلة من جهة، وتحضيرا للحملة الانتخابية للرئيس ترمب من جهة أخرى.
خطة نتنياهو الاستيطانية تتضمن بناء 6000 وحدة استيطانية جديدة مقابل 715 وحدة سكنية جديدة للفلسطينيين في المناطق المسماة (ج)، التي تشكّل 61% من المساحة الكلية للضفة الغربية، وتخضع لسيطرة الاحتلال.
وكان رئيس الوزراء محمد اشتية أعلن مؤخراً أن "تقسيمات المناطق إلى (أ، ب، ج) التي تم الاتفاق عليها مع إسرائيل لم تعد موجودة، لأن إسرائيل لم تعد تحترمها، وخرقت بشكل واضح وعلني هذه الاتفاقيات، فهي يوميا تقتحمها وتستولي على الأراضي وتتوسع استيطانيا فيها، الأمر الذي يدمر أي فرصة موجودة لإقامة الدولة الفلسطينية"، وذلك ردا على قيام الاحتلال بهدم منازل للفلسطينيين في واد الحمص بالقدس، والذي تصنف أراضيه ضمن المناطق (أ) وتقع تحت السيطرة الفلسطينية.
وتأتي المصادقة على مشاريع استيطانية جديدة، في إطار مساعي نتنياهو وحكومته اليمينية، لضم أجزاء واسعة من المناطق المسماة (ج) إلى إسرائيل، مدعوما من الإدارة الأميركية التي مهدّت له الطريق بإعلان القدس عاصمة لدولة إسرائيل واعترافها بالسيادة الإسرائيلية على الجولان السوري المحتل، في مخالفة واضحة للقانون الدولي.
الناطق الرسمي باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، قال إن كل الاستيطان الاسرائيلي على أراضي دولة فلسطين المحتلة غير شرعي، ومصيره إلى الزوال بزوال الاحتلال.
وأضاف: ان من حق الشعب الفلسطيني البناء على كامل أراضيه المحتلة عام 1967 دون الحاجة لترخيص من أحد، ولن نعطي أية شرعية لبناء أي حجر استيطاني على أرضنا الفلسطينية.
وأكد أن القيادة لن تقايض حقوقنا التي كفلتها قرارات الشرعية الدولية، والتي نصت جميعها، خاصة القرار الأممي رقم (2334)، بعدم شرعية الاستيطان على أراضي دولة فلسطين، بما فيها القدس الشرقية.
وزارة الخارجية والمغتربين، شددت بدورها على أن إسرائيل تحاول تضليل العالم عبر تجميل عمليات توسيع الاستيطان وتعميقه بموافقات شكلية ووعود وهمية بالسماح للفلسطيني بالبناء على أرض وطنه، ما يشكل استخفافاً بعقول القادة والمسؤولين الدوليين ودليلاً واضحاً على العقلية الاستعمارية الظلامية الحاكمة في اسرائيل.
وقالت إن حكومة الاحتلال برئاسة نتنياهو تُثبت يوما بعد يوم أنها تتعامل مع المناطق الفلسطينية المحتلة المصنفة (ج) على أنها مخزون استراتيجي للاستيطان، بما في ذلك توسيع المستوطنات القائمة وبناء مستوطنات جديدة وشق طرق استيطانية من شأنها تحويل جميع المستوطنات والبؤر الاستيطانية الى كتلة استيطانية واحدة متصلة جغرافياً في ما يشبه دولة يهودية للمستوطنين على أرض الضفة الغربية.
مستشار الرئيس للعلاقات الدولية نبيل شعث أكد لـ"وفا" أن المقايضة التي يطرحها نتنياهو فيما يتعلق بالبناء في المناطق المسماة (ج) مرفوضة جملةً وتفصيلاً، وأن شعبنا لا ينتظر إذناً من نتنياهو للبناء في أرضه.
وأوضح أن مصادقة حكومة الاحتلال على بناء وحدات استيطانية جديدة في الضفة، أمر مناقض للقوانين والأعراف الدولية ويتزامن مع نية الإدارة الأميركية عقد مؤتمر للإعلان عما تسمى صفقة القرن الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية، مؤكداً رفض القيادة لأي خطوة تتعارض مع ثوابتنا الوطنية وحقنا بإقامة دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران عام 1967.
وأشار شعث إلى أن إسرائيل تدير ظهرها للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية وتواصل توسعها الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مطالباً بتحرك عربي ودولي أكثر فعالية لوضع حد لتجاوزات إسرائيل، ووقف كل العمليات الاستيطانية.
الخبير في القانون الدولي حنا عيسى قال لـ"وفا": إن نتنياهو بإعلانه عن السماح للفلسطينيين ببناء 715 وحدة سكنية في مناطق (ج) يريد أن يستبق المؤتمر المزمع عقده في كامب ديفيد للإعلان عن "صفقة القرن"، تمهيداً للانتخابات الإسرائيلية المقبلة من جهة، كما أنه يريد أن يقول إن هذه المناطق تخضع للسيادة الإسرائيلية، وهي من تقرر البناء من عدمه فيها.
وأضاف: "نتنياهو استبق المؤتمر الأميركي ليدفن التواصل الجغرافي بين غزة والضفة والقدس الشرقية، وكأن القضية بالنسبة للفلسطينيين من وجهة نظره اقتصادية معيشية لا أكثر ولا أقل".
ولفت عيسى إلى أن نتنياهو وحكومته منحوا الضوء الأخضر للمستوطنين للبناء والتوسع الاستيطاني في مناطق (ج) كجزء لا يتجزأ من فرض سياسة الأمر الواقع لأي مفاوضات مستقبلية مع الفلسطينيين، مؤكداً أنه بهذه الخطوة يقضي نهائيا على إقامة دولة فلسطينية الى جانب دولة اسرائيل استنادا لقرارات الشرعية الدولية وقواعد القانون الدولي.
ورغم صدور قرار مجلس الأمن رقم 2334 في 23 كانون الأول 2016، الذي طالب إسرائيل بوقف البناء الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، وضرورة وضع حد لهذا البناء غير الشرعي، إلا أن أعمال البناء الاستعماري الإسرائيلي لا تزال مستمرة حتى اليوم وسط صمت من المجتمع الدولي.
ووفقاً لتقرير صادر عن هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، فقد بلغ عدد المستعمرات والبؤر الاستعمارية الإسرائيلية 299 مستعمرة وبؤرة، من ضمنها 10 بؤر استيطانية أقيمت في العام 2018. وبلغ مجمل مساحة الأراضي الخاضعة لإجراءات استعمارية إسرائيلية أكثر من 2600 كيلو متر مربع، تشكّل نحو 76% من مجموع الأراضي المسماة (ج(.