المحرر عبد الرازق.. حرية مع فشل كلوي وأمراض مزمنة
إسراء غوراني
على سرير في قسم غسيل الكلى بمستشفى طوباس التركي الحكومي يستلقي الأسير المحرر مصطفى عبد الرازق، ليخضع لجلسة غسيل كلى تستمر لأربع ساعات متواصلة، وذلك بعد ساعات من الإفراج عنه بعد قضائه مدة 14 شهرا في سجون الاحتلال أصيب خلالها بالفشل الكلوي نتيجة للإهمال الطبي.
يقول معتصم والد الأسير مصطفى في حديثه لـ"وفا" إن نجله البالغ من العمر 24 عاما اعتقل في شهر تموز من العام الماضي، وكان عند اعتقاله يعاني من مرض السكري ويحتاج لثلاث جرعات من الأنسولين يوميا، ولم يكن يعاني من أمراض أخرى في ذلك الوقت.
ويضيف: تعرض لمضاعفات صحية خطيرة خلال الأيام الأولى من اعتقاله، حيث منعت سلطات الاحتلال عنه الأنسولين، ما أدى لدخوله في غيبوبة لمدة ثلاثة أيام ونقل إلى مستشفى "أساف هروفيه"، وهناك أخبره الأطباء أنه يعاني من فشل كلوي، حيث إن إحدى كليتيه لا تعمل نهائيا والأخرى تعمل بنسبة 20%، ونتيجة تأخر التشخيص وتقديم العلاج داخل المستشفى أصبح يعاني من فشل كلوي تام في كليتيه خلال ثلاثة أيام.
من جهته يقول الأسير المحرر إنه تم نقله من مستشفى "أساف هروفيه" إلى سجن الرملة وأصبح يغسل الكلى، وتعرض لإهمال طبي كبير أدى إلى معاناته من عدة أمراض أخرى منها أمراض في المسالك البولية.
وأضاف: "كنت أعاني من آلام شديدة داخل السجن ودوار مستمر وتشنجات، وكان الأسرى معي في القسم يطالبون إدارة السجن باستمرار بنقلي إلى المشفى لكن إدارة السجن كانت تماطل حتى أصبح وضعي سيئا للغاية".
بعد نقل مصطفى إلى مشفى سجن الرملة بقي مقيدا في السرير لأيام مع المماطلة في إجراء فحوص طبية له، وبعد 25 يوما من تواجده في المستشفى عين له الأطباء موعدا لإجراء عملية في المسالك البولية بتاريخ 11 آب من العام المنصرم ولكن تأخر تنفيذ العملية حتى 20 آب إمعانا في الإهمال الطبي بحقه، ما أدى لتفاقم حالته، كما أن إدارة السجن كانت تؤجل مواعيد جلسات غسيل الكلى له في الكثير من الأحيان.
يذكر أن سلطات الاحتلال أفرجت عن الأسير عبد الرازق، أمس الاثنين، بعد قضائه حكما بالسجن لمدة 14 شهرا، وتم نقله على الفور إلى مجمع فلسطين الطبي لإجراء فحوصات، وبدأ يخضع اليوم لجلسات غسيل كلى في مستشفى طوباس التركي الحكومي.
ووفقا لمعطيات نشرتها هيئة شؤون الأسرى والمحررين، اليوم الثلاثاء، فإن أكثر من 700 أسير مريض يقبعون في سجون الاحتلال، منهم نحو 170 حالة مرضية صعبة وخطيرة، و25 أسيرا مصابا بالسرطان، و17 أسيرا يقيمون بشكل شبه دائم فيما تسمى "مشفى الرملة"، فيما يعاني العشرات من إعاقات حركية وشلل وأمراض الكبد الوبائي والفشل الكلوي والقلب وأمراض أخرى.
وأوضحت الهيئة في تقريرها أن سلطات الاحتلال تخضع الأسرى لإهمال طبي ممنهج، كما تخضع قضية علاج الأسرى للمساومة والابتزاز والضغط على المعتقلين، الأمر الذي يشكل خرقا فاضحا لمواد (29 و30 و31) من اتفاقية جنيف الثالثة، والمادتين (91 و92) من اتفاقية جنيف الرابعة، والتي أوجبت حق العلاج والرعاية الطبية، وتوفير الأدوية المناسبة للأسرى المرضى، وإجراء الفحوصات الطبية الدورية لهم.
كما أشارت الهيئة إلى أبرز السياسات التي يتبعها الاحتلال لقتل الأسرى طبيا، منها: ظروف الاعتقال السيئة، والمماطلة في تقديم العلاج، والامتناع عن إجراء العمليات الجراحية للأسرى المرضى، وعدم تقديم العلاج المناسب لهم كل حسب طبيعة مرضه، فالطبيب في السجون الإسرائيلية يعالج جميع الأمراض بالمسكنات.
ويضاف لذلك عدم وجود أطباء اختصاصيين داخل السجن، وعدم وجود أطباء مناوبين ليلا لعلاج الحالات الطارئة، وعدم توفر الأجهزة الطبية المساعدة لذوي الاحتياجات الخاصة، وعدم تقديم وجبات غذائية صحية مناسبة للأسرى تتماشى مع الأمراض المزمنة.
كما يتم حرمان الأسرى من ذوي الأمراض المزمنة من أدويتهم، كنوع من أنواع العقاب داخل السجن، واستخدام العنف والاعتداء على الأسرى، واستخدام الغاز لقمعهم، وهو ما يفاقم خطورة حالتهم الصحية.
وشددت الهيئة على أن مشفى سجن الرملة الذي ينقل إليه الأسرى المرضى، يفتقر إلى المستلزمات الطبية والصحية؛ حيث لا يختلف عن السجن في الإجراءات والمعاملة القاسية للأسرى المرضى، ويتم تقديم أدوية منتهية الصلاحية للأسرى.