هل تشكل الانتخابات طوق نجاة لنتنياهو؟
زهران معالي
جدد رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو تعهده بضم مناطق في الأغوار الفلسطينية لدولة الاحتلال، في حال نجاحه بتشكيل الحكومة المقبلة بعد الانتخابات التي ستجري غدا الثلاثاء، وذلك خلال جلسة الحكومة الأسبوعية، التي عقدت لأول مرة في مستوطنة بالضفة الغربية، يوم أمس.
نتنياهو الذي يخوض معركة صعبة لإعادة انتخابه في الكنيست 22، قال: "سنفرض السيادة في وادي الأردن وشمال البحر الميت، حالما نشكل الحكومة المقبلة، معلنا عن تعيين فريق عمل برئاسة وكيل ديوان رئيس الحكومة، والذي سيضع الخطوط العريضة لخطة فرض السيادة".
وقال محللون لـ "وفا"، إن نتنياهو يستغل إعلانه "فرض السيادة الإسرائيلية على مستوطنات في الضفة الغربية، وأراض أخرى في الأغوار وشمال البحر الميت"، كورقة في سباقه الانتخابي.
ورغم تسارع تعهدات نتنياهو عن ضم الضفة الغربية تارة، أو ضد فلسطينيي 48 أو صفقة القرن تارة أخرى؛ لرفع رصيد حزبه في الانتخابات، إلا أن استطلاعات الرأي الإسرائيلية تشير بشكل واضح إلى أن إسقاط حكومته بات أمرا محتملا، وفق ما يؤكد الكاتب والمحلل السياسي نظير مجلي.
وأوضح مجلي، أن تلك الاستطلاعات تتطلب اهتماما غير عادي برفع نسبة المصوتين اليهود اليساريين واللبراليين والذين لا يتجاوزون 40%، وكذلك العرب، حيث تشير الاستطلاعات إلى أن نسبة المصوتين من فلسطينيي48 سترتفع إلى 56% يوم غد مقارنة في انتخابات إبريل الماضي حيث يبغت49%، مؤكدا ضرورة أن ترتفع كلا النسبتين لإسقاط نتنياهو.
ونوه إلى أن محاولات جدية شهدتها الأيام الماضية لتجنيد الذين اختاروا الكسل والجلوس في البيت للإدلاء بأصواتهم في أراضي48؛ كون تلك المعركة خطيرة وجدية ولها بعد تاريخي واستراتيجي.
ويرى مجلي أن ارتفاع نسبة المصوتين من فلسطينيي48 واليهود اليساريين واللبراليين سيحول دون تكليف رئيس دولة الاحتلال رؤوفين ريفلين، لنتنياهو بتشكيل الحكومة لأول مرة منذ 10 سنوات، وتكليف زعيم تحالف "أزرق أبيض" بيني غانتس.
وأكد أن فوز تحالف "ازرق أبيض" بأعلى الأصوات، ودعم أحزاب اليسار والعربية بتوجه ريفلين لتكليف غانتس بتشكيل الحكومة، سيكون فرصة لا تفوت لإسقاط نتنياهو ومشروعه الإجرامي الهدام بحق الشعب الفلسطيني وقضيته.
وتابع: حكومة نتنياهو يجب إسقاطها كونها أسوأ حكومة في تاريخ دولة الاحتلال، ولا أمل في تغيير سياستها؛ فهي ضاعفت عدد المستوطنين في الضفة الغربية بما فيها القدس، وعمقت سياسة التمييز، واتخذت سياسات ضد فلسطينيي48، وسنت قوانين عنصرية بالعشرات منها قانون القومية، وستة قوانين تبطش بالأسرى، وأخرى تقود الديمقراطية وتمس سلطة القضاء وتشرع العنصرية ضد فلسطينيي48.
وأوضح أن نتنياهو يريد تشكيل حكومة يمين متطرف تضم حزب "عوتسما يهوديت" المولود من حزب كهانا الإرهابي، والذي يبني كل سياسته على ترحيل الفلسطينيين من فلسطين التاريخية، مضيفا: ذات مرة منعت من دخول الكنيست تلك العقلية لكن في زمن نتنياهو أصبحت متاحة.
وانتخابات الكنيست الـ22، هي ثاني جولة انتخابات تجريها دولة الاحتلال هذا العام بعد إخفاق زعيم اليمين نتنياهو بتشكيل حكومته الخامسة، وتخوض الانتخابات 31 قائمة حزبية، موزعة على ثلاثة معسكرات.
ويضم معسكر "اليمين واليمين المتطرف" أحزاب: الليكود، والبيت اليهودي، والاتحاد القومي، واليمين الجديد، وتتخذ موقفا متشددا من القضية الفلسطينية، حيث ترفض الحل السلمي وتدعو لضم الضفة الغربية لإسرائيل وتعزيز الاستيطان، وإعطاء الفلسطينيين حكما ذاتيا أو دولة منقوصة السيادة في أحسن الأحوال.
ومعسكر الوسط ويضم يمين الوسط ممثلا بتحالف "أزرق أبيض" كحول - لافان، ولا يملك برنامجا واضحا بخصوص الحل مع الفلسطينيين، وحزب "يسرئيل بيتنو" ويدعو للانفصال عن الفلسطينيين على أساس تبادل أراض وإبقاء المستوطنات تحت السيادة الإسرائيلية، وحزب "العمل- غيشر" ويدعو للانفصال عن الفلسطينيين على أساس حل الدولتين.
والمعسكر الثالث "اليسار"، يقتصر على تحالف مكون من حركة "ميرتس" اليسارية وحزب "إسرائيل الديمقراطية"، ويدعو للمفاوضات مع الفلسطينيين وإنهاء الاحتلال على أساس حل الدولتين.
وفيما يتعلق بالقائمة المشتركة، فهي تحالف بين أربعة أحزاب عربية "الجبهة الديمقراطية للسلام، والتجمع الوطني الديمقراطية، والجبهة العربية للتغيير، والحركة الإسلامية الجنوبية"، وتدعو لإنهاء الاحتلال وحل الدولتين وإنهاء الاضطهاد والعنصرية ضد الفلسطينيين في أراضي48، وكذلك يخوض حزبان عربيان جديدان الانتخابات هما "كرامة ومساواة، والوحدة الشعبية العربية" ويؤيدان حل الدولتين ويطالبان بالمساواة.
وتناصر أحزاب المتدينين المتزمتين معسكر اليمين وتدعم مواقفه من القضية الفلسطينية، إضافة إلى أحزاب إسرائيلية أخرى ضمن قوائم جديدة كحزب "عتسوما يهوديت" الذي يدعو لطرد العرب.
وأضاف مجلي أنه متوقع جدا أن تشكل حكومة وحدة وطنية إذا لم يكن بقدرة أحزاب اليسار والوسط والعرب أن يشكلوا أكثرية، متابعا: غانتس يريد أن يكون رئيس حكومة لإسرائيل ويناور في الشارع الإسرائيلي بأنه مستعد لحكومة مع الليكود بشرط ألا يكون نتنياهو وهذا يبدو مستحيل التحقيق.
وقال، إن نتنياهو يحاول أن يكسب من حصة أحزاب اليمين المتحالفة معه وهذا يدل على أنانيته وغطرسته وعدم إخلاصه حتى لحلفائه، وأصبح واضحا من استطلاعات الرأي ان نتنياهو لا يستطيع أخذ أصوات من اليمين ولا اليسار.
ويخوض نتنياهو "معركة حياة أو موت" ويسعى بكل قوته للحفاظ على موقعه كرئيس للوزراء، ليس حبا بالقيادة فحسب بل حفاظا على مستقبله الشخصي، لانتظاره قرارا حاسما من المستشار القضائي للحكومة في الثاني من أكتوبر القادم، الذي يبت فيه بأمر التوصية المقدمة له من الشرطة ومن النيابة بتقديم ثلاث لوائح اتهام خطرة، لممارسته الفساد (رشوة، وخيانة أمانة، وتلاعب بأموال جمهور، وتناقض مصالح، واحتيال).
ويتفق مدير وحدة المشهد الإسرائيلي في "مدار" انطوان شلحت مع مجلي في حديث لـ"وفا"، في أن المعركة الانتخابية تحتوي الكثير من الشخصنة، حيث أن هدف نتنياهو من الانتخابات أن يبقى رئيسا للحكومة ويسن قوانين تكون قارب إنقاذ له من ملفات الفساد التي تحوم حوله والتي على ما يبدو ستتحول إلى لائحة اتهام ضده.
وأوضح، أن "نتنياهو لديه هم واحد، لا يهمه أي شيء بالسياسة ولا الجيش أو الحرب، كل شيء يدعم معركته لكي لا يدخل للسجن سيفعله حتى لو دخل حربا جديدة، لكن توجد قوة في إسرائيل تحاول منعه من ذلك، وأهم عملية لكبح جماحه هو إسقاطه بالانتخابات".
وحول قرار ضم الأغوار، أكد المحللان السياسيان أن احتمال اتخاذ نتنياهو للقرار في حال فوزه بالانتخابات وارد، كونه متطرف ويريد أن يعمل أي شيء يصطدم بالعالم والقانون والجمهور حتى يغطي على فساده ويمنع محاكمته، وكذلك لتوفر الغطاء من الإدارة الأميركية بزعامة ترمب.
ويرى شلحت أن الصورة مازالت معقدة وأنه من الصعب خلال الوضع الراهن الاستشراف بالنتائج المتوقعة للانتخابات، فالمعركة حامية الوطيس بين نتنياهو وشركائه الطبيعيين وبين من يقودون المعركة لاستبدال الحكم واسقاط نتنياهو.
وأوضح أن أداة القياس الوحيدة التي يمكن الاستناد إليها لاستشراف الوضع تتثمل باستطلاعات الرأي التي أظهرت أن نتنياهو لا يحظى بأغلبية حتى لو ضئيلة وأن وضعه يتأرجح، فالمعركة تدور على من يفوز بمكانة الحزب الأكبر.
وتابع: "نتنياهو المرشح الأوفر حظا للحصول على تفويض بتشكيل الحكومة".
ويتوقع شلحت عدة سيناريوهات في حال نجح نتنياهو بتكليف تشكيل الحكومة، بأن يضم "إسرائيل بيتنا" بزعامة أفيغدور ليبرمان للائتلاف الحكومي المقبل، أو إقامة حكومة وحدة وطنية مع حزب "أزرق ابيض"، أو اختراق ذلك الحزب وإحداث انقسام فيه بضم 4-5 أعضاء منه لائتلافه الحكومي.
وأكد أن "الوضع شبيه بالانتخابات التي جرت في نيسان، واحتمال إعادة الانتخابات للمرة الثالثة وارد".
وتوقع أن سياسة الصدام مع نتنياهو ستشهد تصاعدا حتى يوم الانتخابات، فكلما اقتربت الانتخابات تزداد الحاجة لكسب أصوات جديدة، فلا خيار لديه إلا استقطاب أصوات من أحزاب تحالف يمينا وقائمة "عتسوما يهوديت ".
ويختلف شلحت مع مجلي، في أن "دعم العرب غير مطروح لتكليف غانتس بتشكيل الحكومة، ففي حال سقوط نتنياهو البديل لن يكون أفضل، والخيار المطروح بين سيئ وأسوأ، وليس هناك مصلحة بعيدة المدى، هناك مطابقة بين نتنياهو وغانتس بمسألتين حول القضية الفلسطينية بشكل عام والعلاقة بين الدولة اليهودية وفلسطينيي48".
وأضاف "لا يوجد فروقات جوهرية، غانتس أقل سوءا من نتنياهو، نتنياهو يعلن عن تعهده بضم الأغوار بشكل أحادي الجانب وموقف حزب غانتس أن اسرائيل سيكون أحد مطالبها ضم الأغوار في حال جرى مفاوضات مع الفلسطينيين".