وداعا شيراك
يُشيع اليوم الاثنين، الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك إلى مثواه الأخير في مراسم يشارك فيها نحو 30 من رؤساء الدول والحكومات العربية والأجنبية، على ما أعلنت الرئاسة الفرنسية.
توفي شيراك الخميس الماضي عن عمر ناهز 86 عاما، وحظي الأحد بتكريم شعبي لافت شارك فيه الآلاف، بما يعكس المكانة التي يحظى بها شيراك في قلوب الفرنسيين.
لم تقتصر شعبية شيراك الواسعة على داخل حدود بلاده فقط، وإنما أيضا امتدت إلى العالم العربي.
عرف بمواقفه الشجاعة حيال قضايا الشرق الأوسط، إضافة إلى دعمه الواضح لحقوق الفلسطينيين، حظي بعلاقات شخصية مع العديد من القادة العرب، تميز بتصريحات جدلية ومواقف شجاعة، فأطلق عليه في الصحف العربية والأجنبية "شيراك العرب".
بعد أن فاز شيراك بولايته الرئاسية الثانية، أعلن رفضه الواضح لغزو العراق في عام 2003، ورفض أن تكون بلاده شريكا في التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، الموقف الذي منحه شعبية واسعة وإشادة عربية، لكنّه أيضا أدى إلى توتر في العلاقات بين فرنسا والولايات المتحدة.
وكان شيراك في أحد زياراته إلى المسجد الأقصى، تعرّض لمضايقات من الشرطة الإسرائيلية، ولم يخف غضبه، متوجها للشرطة بالقول "هل تريدونني أن أغادر حالا إلى باريس؟". اللقطات التي نقلتها الكاميرا تصدّرت نشرات الأخبار الفرنسية والعالمية، وشكّلت رصيدا كبيرا لشيراك في البلاد العربية.
وقف شيراك الى جانب القضية الفلسطينية على نحو مغاير مقارنة بأقرانه الداعمين لموقف جيش الاحتلال الإسرائيلي، حيث اعترض في كثير من المرات على الانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين، وأبدى تخوفه من سياسة نتنياهو، وطالب بضرورة التوصل إلى سلام فلسطيني- إسرائيلي، ورغم تحفظه على القضية الفلسطينية في فترة ما من مسيرته، فإن موقفه شهد تحولا جذريا، حيث بات من أكبر الداعمين لتأسيس دولة فلسطينية.
أعلن دعمه حق الشعب الفلسطيني في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، حتى إنه رفع هذه الدعوة في "إسرائيل" نفسها حين زارها في عام 1996، متحدياً احتلالها الأراضي الفلسطينية، ومواجهاً الجنود الإسرائيليين بشكل مباشر حين ضيقوا عليه حركته أثناء زيارته القدس الشرقية، فهدد بقطع زيارته إذا لم يوقفوا تضييقهم.
كما كان أول من تعامل مع الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات رئيساً لدولة، فاستقبله في قصر الإليزيه بهذه الصفة، وحين مرض عرفات سخّر شيراك قدرات بلاده الصحية لإنقاذ حياته، بعدما نقل من رام الله إلى أحد مستشفيات باريس بطائرة خاصة.
وحين أعلن استشهاد عرفات عام 2004 نعاه ووصفه بـ "رجل تحلى بالشجاعة والإيمان، وجسّد النضال الفلسطيني من أجل إقامة دولته"، كما نظم له جنازة رسمية في فرنسا.
رئيس دولة فلسطين محمود عباس أوفد وزير الإعلام نبيل ابو ردينة للمشاركة في تشييع جثمان الرئيس الراحل اليوم الاثنين في باريس.