أحمد زهران.. المعركة مع السجان للمرة الثانية
إيهاب الريماوي
تجهل الحاجة رسيلة شحادة زهران (أم عادل) 72 عاماً من بلدة دير أبو مشعل شمال غرب رام الله، أي معلومة عن الوضع الصحي لابنها أحمد المضرب عن الطعام منذ 32 يوماً، حيث يمنع الاحتلال المحامين من زيارته في عزل سجن النقب.
تتسمك (أم عادل) بالصبر كأفضل خيار يمكن أن يعينها خلال هذه الأيام، وتتمنى أن ينهي نجلها إضرابه حتى يجبر عن خاطرها.
"أحمد فك إضرابه السابق الذي استمر لمدة 31 يوماً، بعد أن تلقى وعوداً من إدارة سجون الاحتلال بالإفراج عنه عند انتهاء مدة فترة حكمه الإداري يوم الخامس والعشرين من الشهر الجاري، لكن الاحتلال أخبره قبل شهر أنه سيتم التمديد له، وعندها قرر الشروع في الإضراب من جديد"، تقول الحاجة رسيلة.
أحمد (45 عاماً) يعمل بائعا للخضار ويوزعها على القرى المجاورة، ومتزوج ولديه 4 أطفال ولدين وبنتين، وأكبرهم لا يتجاوز 13 عاماً، لكن أحمد قضى في سجون الاحتلال في سنوات متفرقة أكثر من عمر نجله الأكبر بـ3 سنوات.
اعتقل أحمد أول مرة عام 1990 عندما كان لا يتجاوز الـ17 عاماً، وحكم بالسجن لمدة سبع سنوات ونصف، أمضى منها 5 سنوات قبل أن يتم الافراج عنه.
بعد الافراج عنه بسبعة أشهر تزوج، وقبل أن يمضي على زواجه السنة، اعتقل من جديد وحكم بالسجن الإداري لمدة 6 أشهر.
"أحمد أصبحت حياته مقسمة ما بين الأسر والخارج، أحياناً يخرج لمدة سنة أو سنتين، ويعيد الاحتلال اعتقاله مرة أخرى، لم يشبع منه أبنائه، كثيراً ما كان يقول لي إنه يتمنى أن لا يفوت أي مناسبة أو أي عيد، فكثيراً ما فقدناه في عدد من المناسبات إن كانت السعيدة أو حتى الحزينة"، تضيف أم عادل.
توفي والد أحمد قبل أربع سنوات، بينما كان يقضى حكماً بالسجن الإداري، وفي عام 2003 استشهد ابن عمته محمد زهران، وكان وقتها أيضاً في السجن.
"توفي زوجي وزادت الحسرة في قلبي، عامود البيت الذي كنت أسند نفسي إليه قد غادر، كان يعينني على تحمل بعد أبنائي عني".
صالح شقيق أحمد الذي اعتقل قبل العام الذي استشهد فيه محمد، حكم بالسجن 20 عاماً، ولم يتبق له إلا ثلاث سنوات ونصف، ويقبع في سجن "هداريم".
"أعد الأيام والأشهر على أحر من الجمر، صالح اعتقل وكان عمره 22 عاماً، سيفرج عنه عندما يبلغ 42 عاماً، وعند الافراج عنه سأزوجه وأفرح به، أخاف أن يغدرني الزمان، صبرت كل هذه السنوات، أتمنى أن أزغرد يوم عرسه"، تقول الحاجة رسيلة.
في إضراب أحمد الأخير، أصيبت بوعكة صحية حادة ونقلت إلى المستشفى وبقيت عدة أيام حتى تماثلت إلى الشفاء.
"خانتني صحتي في تلك المرة، القهر الذي كنت أعيش فيه هو ما أدى إلى تدهور حالتي الصحية، كان ذلك بعد عيد الفطر، لم أفرح فيه، وكان أحمد مضربا عن الطعام، وصالح ما زال في الأسر، وزوجي توفي، يبدو أن كل ذلك كان أقوى من تحملي".
الليلة الماضية اعتقل الاحتلال حفيدها الفتى عمار عادل 17 عاماً، وفجر باب منزل الأسير أحمد، ودمر معظم محتويات المنزل.
منذ أكثر من 29 عاماً تزور الحاجة رسيلة أبناءها في سجون الاحتلال الاسرائيلي، لم تنقطع يوماً عن زيارتهما، متحملة المرض والتعب الذي بدأ يتغلل في جسدها، ورغم كل هذا التعب تقول:" هذا نصيبي.. وفلسطين تحتاج أن نضحي لأجلها".