الأسير الهندي.. عندما يورَّث الفراق
زهران معالي
"الفراق القسري في ظل آخر احتلال في العالم.. يورَّث".. هكذا لّخصت زوجة الأسير مصعب توفيق الهندي مأساة عائلتها بسبب الاعتقالات المتكررة لزوجها في سجون الاحتلال، فطفلها الثاني "كرم" لم يسمع زوجها صرخته الأولى أثناء ولادته، كما لم يسمع والده صرخته".
"حكاية الأسير الهندي مع سجون الاحتلال بدأت منذ ولادته في 14 يناير 1990، فعندما صرخ صوته لأول مرة على الدنيا كان والده توفيق يقبع في سجن "النقب"، والمرارة ذاتها تجرعها طفلها الذي ولد خلال اعتقال والده الإداري ما قبل الأخير، وعاش معه بضعة أشهر واعتقل ثانية"، تقول زوجته أروى صنوبر.
وتضيف: ارتبطنا في العام 2013، ولكننا لم تجتمع لأكثر من عام واحد، فبين عام حرية وآخر هناك عام اعتقال، حرم مصعب فيه من احتضان طفليه توفيق (6 أعوام)، وكرم (4 أعوام)، حيث اعتقل في الأعوام 2014-2016-2017-2019".
وتتابع صنوبر لـ"وفا": لم يعرف أطفاله معنى كلمة بابا، لذلك يطلقانها على جدهما الذي يحاول ملء فراغ والدهما في غيابه، وأخشى أن أنجب طفلي الثالث ووالدهم خلف القضبان، أولاده متعلقون به لدرجة الجنون، يترك فراغا كبيرا لأولاده، دائما سؤالهم: أين أبي؟.
وعن لحظة اعتقاله، قالت: في ساعة متأخرة من الرابع من أيلول/سبتمبر الماضي، استفقت وطفلاي على اقتحام جنود الاحتلال لمنزلنا في قرية تل جنوب غرب نابلس، لاعتقال زوجي، ورغم تعالى صراخ أطفالنا "لا تأخذوا بابا"، إلا أنهم سارعوا بتعصيب عينيه، وتقييد يديه.
وتضيف أنها لا تعرف أي خبر عن زوجها منذ اعتقاله نهائيا، إلا أنه مضرب عن الطعام فلم تتم زيارته منذ اعتقاله، نظرا لحرمانها من الزيارة؛ بحجة المنع الأمني.
الأسير الهندي لم يمض سوى عام إلا خمسة أيام على حريته، بعد أن أفرجت عنه سلطات الاحتلال الإسرائيلي مطلع أيلول عام 2018، بعد ما أمضي قرابة عام ونصف العام في الاعتقال الإداري، لتعيد اعتقاله إداريا لستة أشهر.
وقد حاول عندما أفرج عنه العام الماضي أن يبدأ حياة جديدة، حيث التحق بدورة لتأهيل الأسرى المحررين تنفذها "هيئة الأسرى" في التكييف والتبريد، ويعمل في ورشة صغيرة في منزل عائلته منذ ستة أشهر في هذا المجال ليعيل أسرته.
ومنذ 33 يوما على التوالي، يخوض إضرابا مفتوحا عن الطعام رفضا لاعتقاله الإداري، في سجن "هوليكدار" الاحتلالي في بئر السبع، بعدما حكمت عليه محكمة سالم العسكرية بالسجن ستة أشهر قبل 7 أيام.
يقول والد مصعب توفيق الهندي لـ"وفا"، إن نجله خلال 11 عاما مضت، قضى ما مجموعه ثماني سنوات في الأسر، جميعها في الاعتقال الإداري، ومدد اعتقاله خلالها 24 مرة، بدأت في العام 2009 عندما كان بعمر الـ18 عاما، ما حال دون إكماله الثانوية العامة.
وخلال فترات الاعتقال تلك، خاض ثلاث مرات إضرابا مفتوحا عن الطعام، الأول عام 2014 عندما خاض الأسرى الإداريون إضرابا مفتوحا عن الطعام واستمر 30 يوما، وعام 2018 خاض اضرابا في شهر ابريل/ نيسان لمدة 35 يوما أفضى لتوقيع اتفاق مع إدارة السجون الإسرائيلي يقضي بإغلاق ملفه الإداري، إلا أن الاحتلال أعاد اعتقاله إداريا في 4 أيلول الماضي، الأمر الذي اضطر مصعب لخوض إضراب جديد عن الطعام منذ 21 أيلول الماضي، وفق ما يؤكد والده.
ويشير إلى أن عائلة مصعب علمت بعد ثلاثة أيام من خوضه الإضراب عن الطعام، وأن نجله تراجع وزنه 15 كغم حتى اليوم نتيجة الإضراب.
ويضيف: تواصلنا مع كل المؤسسات الحقوقية والإعلامية لكن هناك تقصير في حق ولدي، لم يزره أي محامٍ منذ إضرابه عن الطعام.
ووفق ما أفاد به الأسير الهندي في رسالة، فقد عزلته إدارة السجون منذ إضرابه عن الطعام في زنازين سجن النقب الصحراوي، وبعد نحو عشرة أيام نقلته إلى عزل سجن "هوليكدار"، وهو يشرب الماء فقط، ولا يجري أية فحوصات، ولا يتناول أي مدعمات، وخسر من وزنه كثيرا، وهو موجود في عزل انفرادي.
يذكر أن خمسة أسرى أخرين يخوضون إضرابا مفتوحا عن الطعام رفضا لاعتقالهم الإداري، وهم: الأسير إسماعيل علي (30 عاما) من بلدة أبو ديس، ويمر بوضع صحي سيئ للغاية، وذلك بعد مضي (92 يوما) على إضرابه المفتوح عن الطعام، إضافة للأسير طارق قعدان (46 عاما) من بلدة عرابة جنوب جنين، والذي يواصل إضرابه عن الطعام منذ 85 يوما على التوالي، ويشتكي حاليا من ضعف وهزال عام وأوجاع مزمنة بمختلف أنحاء جسده، كما أنه يعاني من نقص في وزنه واصفرار في الوجه، والأسير أحمد غنام الذي مضى على اضرابه 102 يوما، وسط تفاقم ملحوظ على حالته الصحية، والأسير أحمد زهران وهو مضرب منذ 32 يوما، والأسيرة هبة اللبدي وتخوض اضرابها لليوم 30 على التوالي.