ليست مجرد أسئلة
كتب: رئيس تحرير صحيفة "الحياة الجديدة"
أسئلة كثيرة تطرحها جولة التصعيد الحربية الأخيرة، التي اشعلت اسرائيل فتيلها باغتيال القيادي في حركة "الجهاد الاسلامي" بهاء أبو العطا، أول هذه الأسئلة ترى أين هي ترسانة "المقاومة" العسكرية، التي تباهى بها يحيى السنوار، كترسانة قوى عظمى، مطلع هذا الشهر والتي قال بأنه يستطيع ان يقاتل بها اسرائيل لستة أشهر متواصلة..!! كيف لم تطلق هذه الترسانة رصاصة واحدة، باتجاه قوات الاحتلال الاسرائيلي، التي واصلت ديدنها العدواني ضد قطاع غزة، بالغارات الحربية المدمرة لبيوت الناس وحياتهم في القطاع المكلوم.
ترى ماذا تنتظر حماس لتفعّل هذه الترسانة أم تراها تفاهمات التهدئة التي أبرمتها مع اسرائيل هي التي تحكم اليوم سياسة حماس ونهجها..؟؟ والواقع، لا يحتاج هذا السؤال الى اجابة، وهي الواضحة في صمت الترسانة الحمساوية المطبق، في جولة التصعيد الأخيرة، وثمة محللون سياسيون لم يستبعدوا تفاهمات اسرائيلية حمساوية سبقت جولة التصعيد الأخيرة، وقضت بألا تتدخل حماس في هذه الجولة، وتقول أنباء الصحف الاسرائيلية "إن مسؤولين امنيين اسرائيليين أوصوا المستوى السياسي بمنح حماس منافع اقتصادية ومدنية "وبالطبع لأنها التزمت بهذه التفاهمات ولم تشارك في جولة التصعيد الأخيرة..!!!
لم يعد ثمة ما هو غامض في كل هذا السياق، والحقيقة تكشفت بأوضح ما يكون، تفاهمات التهدئة، ليست أمنية، بقدر ما هي سياسية، وهي وفق الشروط الاسرائيلية، التفاهمات التي تلزم حماس بالطاعة، وقد ارتضتها حماس على نحو لم يعد قابلا للشك ولا حتى للتبرير، على وهم انها قد تجعل من إمارتها في قطاع غزة المكلوم عاصمة في هذا الاقليم..!!!
على ان أخطر الاسئلة التي تطرحها جولة التصعيد الاخيرة، ما يتعلق بحركة الجهاد الاسلامي..!! كيف انها لم تواصل المعركة مثلا، بعد المجزرة التي ارتكبتها طائرات الاحتلال الاسرائيلي الحربية، ضد عائلة السواركة "أبو ملحوس" في دير البلح، وكأن دم هذه العائلة ليس دما فلسطينيا (...!!) وتاليا لا يستحق سفكه المجرم، أي رد...!! هل كان اتفاق "وقف النار" الذي ابرمته مع اسرائيل، منطويا على منحها منافع مشابهة لما أوصى به المسؤولون الأمنيون الاسرائيليون مستواهم السياسي بشأن حماس..؟؟
ليس بوسع أية مقاومة أن تبرر نفسها، ما لم تكن قادرة على حماية شعبها، وتأمين حياته اليومية، وما ثمة مقاومة تبرم تفاهمات تهدئة..!! خاصة وان هذه التفاهمات كما ثبت في سياسة حماس، هي التفاهمات التي تؤمن حماية لعناصرها ووجودها فحسب..!! وعلى ما يبدو ان "الجهاد الاسلامي، باتت تلتزم بهذه السياسة وبوس اللحى الحمساوي الجهادي، والذي جاء بعد طرد الزهار من بيت عزاء الشهيد أبو العطا، ما يثبت ذلك، وهو البوس الذي منح حماس ما تريد من ذريعة لصمتها المطيع لتفاهمات التهدئة، والذي أطاح في الوقت ذاته بمواقف قيادات في الجهاد الاسلامي الذين نددوا وبنواح موجع ومؤلم، بغياب حماس المطلق عن جولة التصعيد الأخيرة..!!!
ويظل سؤال الاسئلة هذه كلها هو سؤال قطاع غزة المكلوم، الى متى يظل ساحة للمناورات الحربية لجيش الاحتلال الاسرائيلي، وبالذخيرة الحية، طالما ظل "محور المقاومة" لا يعود بعد كل جولة من هذه المناورات والتي تثخن جراح القطاع المكلوم، وحيث الضحايا من الناس في بيوتهم، ومن أطفالهم ونسائهم وشبابهم، لا يعود هذا "المحور" وبهيمنة حماس، لغير تفاهمات التهدئة...!!
أية حقائق يجب ان تتضح بعد، كم من الشهداء علينا ان نودع كي نضع حدًّا لهذه السياسات الطائشة، التي تبقي القطاع المكلوم ساحة لمناورات الاحتلال الحربية وبالقذائف المدمرة..؟؟ وبالطبع هذا هو سؤال الدم الفلسطيني، الذي يظل دائما برسم من يتلاعب ويتاجر به، لصالح أوهامه السلطوية في إمارة لا يمكن ان تكون، وسعيا وراء تمويلات تظل أبدا هي التمويلات الحرام.