البيان الختامي لــ"مؤتمر القاهرة لاغاثة غزة" يندد باستمرار إسرائيل في تقييد النفاذ الإنساني للقطاع    سيناتور أميركي: حكومة نتنياهو ترتكب جرائم حرب وتطهير عرقي في قطاع غزة    شهداء ومصابون في قصف الاحتلال أنحاء متفرقة من قطاع غزة    شهداء ومصابون في تجدد الغارات الإسرائيلية على لبنان    الاحتلال يشدد من إجراءاته العسكرية شمال القدس    تحقيق لـ"هآرتس": ربع الأسرى أصيبوا بمرض الجرب مؤخرا    الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية على حاجز تياسير شرق طوباس    شهداء ومصابون في قصف الاحتلال لمنزل في رفح جنوب قطاع غزة    الاحتلال يواصل اقتحام المغير شرق رام الله لليوم الثاني    جلسة لمجلس الأمن اليوم حول القضية الفلسطينية    شهيدان أحدهما طفل برصاص الاحتلال في بلدة يعبد    مستعمرون يقطعون عشرات الأشجار جنوب نابلس ويهاجمون منازل في بلدة بيت فوريك    نائب سويسري: جلسة مرتقبة للبرلمان للمطالبة بوقف الحرب على الشعب الفلسطيني    الأمم المتحدة: الاحتلال منع وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لقطاع غزة الأسبوع الماضي    الاحتلال ينذر بإخلاء مناطق في ضاحية بيروت الجنوبية  

الاحتلال ينذر بإخلاء مناطق في ضاحية بيروت الجنوبية

الآن

نائل البرغوثي .. كم سيحتمل هذا الجسد

(حنان شقيقة الأسير نائل البرغوثي)

 إيهاب الريماوي

"لكِ أن تتخيلي أنه من الممكن أن أكون شهيداً، ويمكن ان يحتجز جثماني في الثلاجات، أمضيت 40 عاماً في سجون الاحتلال، اعتقلت شاباً وخرجت أشيبا، وعدت مرة أخرى، لا أعرف كم سيحتمل هذا الجسد، ولا متى ستشرق شمس الحرية مرة أخرى"، جانب من حوار دار بين الأسير نائل البرغوثي، وزوجته إيمان نافع، عبر سماعة الهاتف خلال زيارته في سجن بئر السبع قبل أسبوعين.

مؤخراً أتم البرغوثي (62 عاما)، عامه الـ40 في سجون الاحتلال الاسرائيلي، وهي أطول مدة يُمضيها فلسطيني في السجون على الإطلاق.

إيمان نافع زوجة البرغوثي، التي ارتبط بها بعد شهر واحد من الإفراج عنه عام 2011 ضمن "صفقة شاليط"، وأمضت برفقته 31 شهراً فقط، قبل أن يعتقله الاحتلال مجددا عام 2014، ويعيد له حكمه السابق بالسجن المؤبد، هي الوحيدة التي يسمح لها بزيارته.

"أنا الوحيدة التي أزوره، فمنذ استشهاد ابن شقيقه صالح البرغوثي، منعت شقيقته حنان من زيارته، وحتى الأطفال ممنوعون، وكأنهم يريدون أن لا يعرفه أحد"، تقول إيمان.

فرض الاحتلال على البرغوثي الإقامة الجبرية عقب الافراج عنه عام 2011، ومنع من الخروج من مدينة رام الله وقراها، وخلال هذه الفترة ظل أسيرا داخل بلدته كوبر شمال شرق رام الله، وحرم من زيارة أي بلدة أو مدينة في الضفة.

"منذ ان تزوجنا، كان يخرج نائل من المنزل بعد صلاة الفجر، يذهب إلى الأرض فهي مقدسة بالنسبة له، يفلحها ويزرعها، يحب الأزهار والورود، التي تنتشر في الجبال، وكان على قناعة بأنه يجب أن لا تقطف وأن تبقى في مكانها"، تضيف إيمان.

لم يستطع نائل أن يأكل من ثمار أشجار البرتقال والليمون التي زرعها قبل أن يعيد الاحتلال اعتقاله، كما لم تفلح محاولات زوجته المتكررة بإدخال بعض هذه الثمار إلى المعتقل.

"رغم أنه كان مرجعا بالنسبة للأسرى وكان يحاضر لهم، إلا أنه أصرّ بعد الافراج عنه عام 2011 على إكمال دراسته، فالتحق بجامعة القدس المفتوحة "تخصص التاريخ"، فكان لديه حلم بالحصول على شهادة من جامعة فلسطينية، خاصة انه رفض أن يلتحق بجامعة عبرية". تقول إيمان.

إعادة اعتقال نائل كان كالصاعقة بالنسبة لزوجته وأهله، "لم نشبع منه، وهو لم يتنفس الحرية ولم يعشها بتفاصيلها، الاعتقال الثاني كان أصعب بالنسبة له، كان يعتقد ان الأمر انتهى".

حنان (55 عاما)، شقيقة الأسير البرغوثي، بدأت في زيارته عندما كان عمرها لا يتجاوز الـ14 عاماً، وقتها كان شقيقهما الآخر عمر أبو عاصف معتقلا لدى الاحتلال، كذلك والدها.

"كنت أذهب وحدي لزيارة نائل، أمي كانت تزور والدي في سجن آخر، وزوجة أخي عمر تزوره في سجن ثالث"، تقول حنان.

توفي والد نائل في الثامن من تشرين أول/ أكتوبر عام 2004، ولحقته والدته في الثاني والعشرين من ذات الشهر عام 2005، وظلت شقيقته حنان الوحيدة التي يمكنها زيارته، لكنها حرمت من زيارته قبل خمس سنوات من الافراج عنه.

"31 شهراً فقط قضاها بيننا، ولكننا سرعان ما استيقظنا من هذا الحلم الجميل على كابوس إعادة اعتقاله، ماذا تبقى من عمره؟، إلى متى سيبقى في السجن؟، نائل يحب أرضه وزوجته ويريد أن يعيش بسلام، فخلال الأربعين عاماً الماضية فقد والده ووالدته، كبرت أنا وتزوجت وكبر أولادي وتزوجوا أيضاً، وحالياً أبنائي الثلاثة عناد وعبد الله وعمر معتقلين، كنت أحمل عمر بين ذراعي عندما كنّا نزور نائل، واليوم هو زميله في الأســــــــــــــــر"، تضيف حنان.

تتذكر حنان أول مرة بكت فيها أمام شقيقها نائل، وتقول: "في إحدى الزيارات سمحت سلطات الاحتلال لأحد الأطفال بالدخول عند الأسرى، فضم نائل الطفل بحرارة، حينها أحسست كم كان يتمنى أن يحتضن طفلاً له، وعندما رآني أبكي، قال لي: كل أطفال فلسطين أبنائي".

تعود حنان بالذاكرة إلى بدايات العمل النضالي لنائل، "عام 1967 رفع معظم الناس رايات بيضاء فوق منازلهم، إلا نائل رفض، وصعد إلى سطح منزله واستعد لرشق آليات الاحتلال بالحجارة عند مرورها، وعندما كبر نائل كان يذهب إلى مدرسته في بلدة بيرزيت المجاورة مشياً على الأقدام، يقطع وادي القرية ويجمع الحجارة الصلبة داخل حقيبته، حتى يرشق بها جنود لاحتلال، وكان يقول إن حجارة الوادي أقوى من أي حجارة أخرى، ولها صوت وتأثير أكبر".

نائل كان شعلة من النضال، يقود المظاهرات ودائماً ما يكون في الصفوف الأولى في مواجهة الاحتلال، حتى أطلق عليه لقب "أبو اللهب"، نسبة إلى شخصيته القيادية الثورية. وفي الأسر أطلق عليه رفاقه لقب "أبو النور"

أعتقل نائل في المرة الأولى خلال إحدى المواجهات مع الاحتلال في الثامن عشر من كانون أول/ ديسمبر عام 1977 وحكم بالسجن لمدة ثلاثة أشهر، وعقب الافراج عنه بـ14 يوماً، اعتقل بتهمة مقاومة الاحتلال برفقة رفيقه فخري البرغوثي، ليصدر بحقهما حكما بالمؤبد و18 عاماً.

قبل سنوات كتب الشاعر الراحل سميح القاسم عن الأسير نائل البرغوثي: "أنا أخجل من حريتي أمام أسرك العظيم، وعلى كل فلسطيني وعربي وإنسان حر أن يخجل حقيقةً، وفي كل لحظة أمام هؤلاء الأبطال".

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024