المرسوم برسم القدس
كتب: رئيس تحرير صحيفة "الحياة الجديدة"
تنسى، بل وتتناسى حركة حماس، ان الرئيس ابو مازن هو من اعلن ومن على منصة الامم المتحدة، في ايلول الماضي، اننا عازمون على اجراء الانتخابات العامة، في الوقت الذي لم تكن حماس فيه تتحدث بغير سياسة القمع والاقصاء في قطاع غزة المكلوم، والقمع والاقصاء حتى "للمقاومة" يوم "تعقلنت" اثر اغتيال اسرائيل للقيادي في الجهاد الاسلامي بهاء ابو العطا، وسكنت طيعة لتفاهامات التهدئة، وهو التعقلن (..!!) الذي اشادت به اسرائيل، والذي جاء فيما بعد بالقاعدة الامريكية الاستخباراتية، على حدود القطاع المكلوم، كمثل مكافأة لحماس على هذا التعقلن الواهم انه تعقلن التحصين للامارة الاخونجية ..!!!
وتنسى، وتتناسى حماس ايضا، ان القدس في قلب هذه الانتخابات ان تجري فيها، ولا انتخابات البتة دون القدس، لأنها وخاصة بعد اعلان "ترامب" اعتبارها عاصمة لدولة الاحتلال الاسرائيلي، باتت اليوم هي محور الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، ولأن حماس لا تراها كذلك، بحكم ما تأمر به تفاهات التهدئة، تطالب اليوم باصدار المرسوم الرئاسي بشأن الانتخابات، قبل ان تكون القدس حاضرتها، وصندوقها الاساس...!! لا بل ان عضو مكتبها السياسي، موسى ابو مرزوق، يعتبر ربط اجراء الانتخابات بالقدس، أمرًا مرفوضا ...!!
ليس بوسع اي خطاب، ولا اي منطق، ولا اي شعار، ان يشير مجرد اشارة الى حماس بوصفها صاحبة منهج ديمقراطي، في فكرها، وسياساتها، وسلوكها، وعلاقاتها الفصائلية، وثلاثة عشر عاما من تحكمها الانقلابي بقطاع غزة المكلوم، أثبتت وبما لا يدع اي مجال للشك، بانها سلطة الاستحواذ والاقصاء، التي تقف بالضد من اية وسيلة ديمقراطية، للتعبير عن اي موقف لا يتماهى مع موقفها ..!! لا بل ان سجونها في القطاع المكلوم، لا زالت تمتلئ حتى بالذين لديهم نوايا ديمقراطية، للتعبير عن حالهم، وحال أوضاعهم التي أحالتها حماس الى أصعب من الصعوبة ذاتها ..!!! هل نذكر فقط، وعلى سبيل المثال لا الحصر، كيف واجهت حماس حراك "بدنا نعيش" بعنف القمع المليشياوي ..؟؟ وقبل ذلك من اين للديمقراطية ان تكون مع حكم جاء بالعنف المسلح، منقلبا على الشرعية والدستور والاخلاقيات الوطنية كلها، وعلى ابسط واوضح قيم الديمقراطية ومفاهيمها ..!!
لا تريد حماس المرسوم الرئاسي، وهي تعرف ان قرار الوطنية الفلسطينية الذي يكرسه الرئيس ابو مازن، بشأن القدس ان تجري في قلبها الانتخابات، ودون ذلك لا انتخابات، تعرف حماس ان هذا القرار، غير قابل للتراجع، او للتساهل، ولا للمساومة بأي حال من الاحوال، ولهذا فان مطالبتها بإصدار المرسوم الرئاسي اليوم دون ان يرتبط بضرورة اجراء الانتخابات في القدس، هي مطالبة لا تريد الانتخابات من اساسها، لا بل انها بعض تفاصيل الشيطان الذي في جعبتها ، لتواصل احابيلها البلاغية التي تزعم ديمقراطية لا محل لها من الاعراب، في قاموسها ولغتها ونهجها ..!
القدس قبل المرسوم وهذا ما سيكون وعلى حماس ان تفتش عن ذرائع أخرى ان شاءت لتواصل احابيلها التي لن تخدع أحدًا، لأن الديمقراطية وحماس كمثل خطين مستقيمين لا يمكن ان يلتقيا أبدا. واذا كان لا بد أن نجيب على سؤالها اين المرسوم فنقول لها أنه برسم القدس وفي متن أوراقها وروح هذا المتن وأهدافه الوطنية.