فتح تجسيد للآمال، لا بيع للأوهام
كتب رئيس تحرير صحيفة الحياة الجديدة
كلمات العنوان أعلاه للرئيس أبو مازن، هي أوضح وأبسط تعريف لحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" بحقيقتها الواقعية، التي لم تنطو تحت أية يافطة حزبية ولا أية نظرية فكرية، اللهم سوى النظرية الوطنية التي برعت فيها فتح، حتى باتت مجسدة للآمال، ولم تتعاط يوما مع أية أوهام لا شراء ولا بيع، ولعل أبرز ما برعت فيه فتح في هذا الإطار، هو تخليقها للقرار الوطني المستقل، وتكريسها لهذا القرار بوصفه القوة الفاعلة لتجسيد الآمال، والأهم بوصفه المناهض للتعامل مع الأوهام أيا كان خطابها، ومهما كان سحرها، الذي حملته الشعارات الثورجية، القومجية والعقائدية وغيرها. وببساطة شديدة، لو لم تجسد حركة فتح القرار الوطني المستقل، في دروب الكفاح الوطني، وهي التي أوقدت شعلة الثورة الفلسطينية، وباتت عمودها الفقري، وخيمتها الجامعة، لتقاسم النظام العربي الرسمي هذه الثورة، أوراقا في جيوب سياساته القطرية والإقليمية، التي لم تكن فلسطين فيها سوى شعار في خطاب..!! وبحكم القرار الوطني المستقل، جسدت فتح آمالا كبرى في الطريق إلى الحرية، التي ما زالت تغذ الخطى فيها، أعادت فلسطين إلى واقع الحضور السياسي العربي والإقليمي والدولي، بقضيتها الوطنية، كقضية حق وعدل، وحقوق مشروعة، وأهداف عادلة، حتى استقام للهوية الوطنية المقام، في منظمة التحرير الفلسطينية بوصفها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وبعد أن انتزع القرار الوطني المستقل الاعتراف العربي والدولي بالمنظمة بصفتها وحقيقتها هذه. وبحكم هذا القرار كذلك، صعدت فلسطين إلى منبر الأمم المتحدة، بشخصيتها الوطنية أول مرة في العام 1974 من القرن الماضي، مجسدة فتح بذلك امل هذا الحضور الدولي، ثم صعدت مرة أخرى وأخرى حتى انتزعت مقعدا لها بين مقاعد الدول في المنطمة الأممية، وإن كان بصفة مراقب، لكنه المراقب الذي بات واسع الحضور السياسي على الساحة الدولية، وفي مختلف محافلها ومؤسساتها، حتى أحال إسرائيل إلى محكمة الجنايات الدولية. على هذا النحو، فتح وبوصفها قائدة لحركة التحرر الوطني الفلسطيني، وبقوة صمود شعبها، وتضحياته العظيمة، تكمن حقيقتها، كمجسدة للآمال الوطنية بكل تفاصيلها، وبقدر ما هي كذلك، بقدر ما تصدت وتتصدى للأوهام وأصحابها الذين مازال بعضهم بيننا، يحاولون تسويقها وبيعها لشعبنا، تحت عناوين خادعة، وشعارات ثورجية فارغة الواقع والمحتوى، كهذه التي ترفعها حماس، والتي تنزلق فيها، نحو صفقة ترامب الصهيونية، خاصة وهي اليوم تزاود في خطاب محموم بموضوع الانتخابات التشريعية فلا تقول صراحة بضرورة القدس في هذه الانتخابات، وإنما تطالب بإصدار المرسوم الرئاسي لإجرائها، قبل أن تتكرس القدس ضرورتها التي لا سبيل للتغاضي عنها، وبالشعارات المخادعة ذاتها تزاود في هذا الإطار بقولها لنجعل من القدس معركة سياسية بعيدا عن الانتخابات، دون أن تدرك أن تحقيق الانتخابات في القدس وفي قلبها، هو المعركة السياسية الواقعية والحقيقية، وما إصرار الرئيس أبومازن على أنه لا انتخابات دون القدس، إلا لتأكيد هذه المعركة، وتحقيق هدفها بحقيقة القدس عاصمة لدولة فلسطين السيدة. لم تبع فتح يوما أوهاما لشعبها ولن تكون يوما كذلك أبدا وتاريخها يشهد على ذلك وهي التي اقتحمت أصعب المعارك وأخطرها في سبيل تحقيق أرقى وأجدى واقعيات الحضور النضالي والسياسي الفاعل، لأنها لم تنم يوما على حرير الأوهام، ولم تتعاط معها على الإطلاق لتبقى مثلما أكدها ويؤكدها الواقع والتاريخ والرئيس أبو مازن مجسدة للآمال لا بائعة للأوهام.