تذكروا رمضان شلح
كتب: رئيس تحرير صحيفة "الحياة الجديدة"
لن تكون "تفاهمات التهدئة" الإسرائيلية الحمساوية، التي بات واقعها واضحا في سلوك حماس وسياساتها، دون تنسيق أمني بليغ (..!!) فإسرائيل اليمين العنصري المتطرف، ليست هي الأم تريزا، ولا هي الصليب الأحمر الدولي، ولا هي من جمعيات الدفاع عن حقوق الإنسان، حتى تمنح "هدوءاً" سلطوياً لحكام قطاع غزة، بلا أي ثمن أمني وسياسي واقتصادي في المحصلة، حيث غزة سوق استهلاكية للبضائع الاسرائيلية..!!! ما يشير الى ذلك ويؤكده، أن اوراق التفاهمات باتت على طاولة "الكابينت" الاسرائيلي، وبالطبع لا يبحث هذا المجلس الوزاري المصغر، المختص بالشؤون السياسية والامنية، لا يبحث ولن يبحث في هذه الاوراق سبل تقديم التسهلات والخدمات الانسانية لقطاع لغزة (..!!) ولا حتى تقديم التسهيلات لحماس مجانًا، وانما سيضع ما يريد من حماس قبل كل شيء، من خدمات أمنية بالدرجة الاولى، ومن ثم سياسية بطبيعة الحال، وسياسية على نحو ما يخدم صفقة ترامب الصهيونية، لعلها تصبح ممكنة...!!!
تعرف حماس ذلك، ومع ذلك، تمضي بتسارع محموم في هذه الطريق، التي إن لم تكن خيانية، فهي التآمرية بامتياز، ولكن كيف ومتى لا يقود التآمر، وعلى هذا النحو، الى غير الخيانة..؟؟
مطار، وميناء عائم، ومعابر مفتوحة، لدويلة في قطاع غزة، لا ترتبط مع اسرائيل بغير التنسيق الامني، تحت علم "التفاهمات" الذي لن يكون بغير النجمة السداسية، هذا هو ملخص الصفقة الترامبية لتدمير المشروع الوطني الفلسطيني، وليس بوسع حماس ان تنكر ذلك، وهي التي اوقفت مسيرات العودة دون ان تحقق ايا من أهدافها التي تبجحت بها طويلًا..!!! وهي التي كشفت تقارير أمنية اسرائيلية، عن تواطئها في عملية اغتيال اسرائيل للقيادي في الجهاد الاسلامي، بهاء ابو العطا، الذي كان عقبة في طريق التفاهمات، بدلالة انها ليس فقط لم تشارك "الجهاد" في الرد على هذه الجريمة، بل كبحت هذا الرد سريعا بشروط التفاهمات الاسرائيلية..!!! وهي التي صفقت للقاعدة الأميركية على حدود القطاع المكلوم تحت يافطة المشفى..!!! وبعد كل قول، ليس ادل على حماس المطيعة "للتفاهمات" اكثر من حرصها على كرسي الحكم بسلطة الانقلاب القمعية، وادامتها للانقسام البغيض، طوال السنوات الثلاث عشرة الماضية، ما يسمح للتحليل السياسي اليوم بالقول ان الانقلاب الحمساوي اساسا كان نتيجة تفاهمات اسرائيلية حمساوية، فإعادة الانتشار التي قررها شارون في حينه لم تكن لغير تهيئة قطاع غزة للانقلاب الحمساوي لا على الشرعية فحسب، وانما ايضا بل وأساسًا على التطلعات الوطنية الفلسطينية، في دحر الاحتلال، وإقامة دولة فلسطين، من رفح حتى جنين، بعاصمتها القدس الشرقيه، وتحقيق الحل العادل لقضية اللاجئين، وفق قرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية.
تفاهمات حماس مع اسرائيل، لا علاقة لها بالقدس، ولا هي ضد المستوطنات، ولا ضد وجود الاحتلال في الضفة الفلسطينية (..!!!) ثلاث حروب اسرائيلية مدمرة تعرض لها قطاع غزة، تحت شعارات "المقاومة" الحمساوية التي كانت دائما تتوعد اسرائيل بالردود المزلزلة، التي لم ير احد منها شيئا، آلاف الشهداء والجرحى، وآلاف البيوت المدمرة، وخطب حماس لا تكف عن الخديعة..!!! تلبست مسيرات العودة وقالت انها ستتواصل حتى العودة وكسر الحصار، ثم خلعتها بجرة قلم على ورق "التفاهمات"..!!! وقد وصف محللون عسكريون اسرائيليون أن وقف هذه المسيرات يعتبر "خطوة دراماتيكية وقرار استراتيجي اتخذته حماس".
واية انتخابات تريدها حماس مع هذه "التفاهمات" وهي تتوغل بعيدًا في الامتثال لشروطها الامنية والسياسية الاسرائيلية..؟؟ اية انتخابات، وحماس لا ترى القدس صندوق هذه الانتخابات وأساسها.
انها "التفاهمات" لا سواها التي تريدها حماس، لا الانتخابات التي تضع في كل يوم المزيد من العراقيل في دروبها، وبلا اي شك فإن هذه "التفاهمات" لن تكون غير تفاهمات التنسيق الامني بشروطه الاسرائيلية المدمرة.
أخيرا لابد من التذكير بما قاله رمضان شلح أمين عام حركة الجهاد الاسلامي سابقا قبل سنوات في مقابلة مع قناة الميادين .. أن حرب الواحد وخمسين يوما التي شنتها اسرائيل على غزة كان هدفها تثبيت الاحتلال في الضفة ومن خلال اخراج غزة من معادلة الصراع عبر "التهدئة" .. وهذا ما تفعله حماس الان عبر هذه "التهدئة".