"أحمق من أبي غبشان"..!!
كتب رئيس تحرير صحيفة الحياة الجديدة
لم يتبق لحركة حماس أية رواية لتتاجر بها، لا رواية العقيدة، وهي تفتري عليها كذبا في كل وقت، ولا رواية المقاومة، وهي ماضية اليوم في دروب التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي، لا لأجل هدنة طويلة الأمد كما يقال، وإنما لأجل "تصالح" يضرب في الصميم المشروع الوطني الفلسطيني، ولا رواية الحكم بطبيعة الحال، وقد بانت كسلطة من سلطات القرون المظلمة الاستبدادية، بلا أية رتوش تذكر..!!! ولأنها باتت خاوية الوفاض على هذا النحو الفاضح، ذهب إسماعيل هنية إلى طهران، لعله يرمم بعضا من روايات حركته هناك، في اصطفاف لا علاقة له بفلسطين، لا من قريب ولا من بعيد، وبخطاب مذل، لم يستهدف سوى الاستجداء لبضعة ملايين من الدولارات لتطيل عمر إمارته الإخوانية في قطاع غزة المكلوم، وثمة غاية شخصية أخرى لهنية في ذهابه هذا، أن يقطع الطريق على خالد مشعل، أن يعود رئيسا للمكتب السياسي لحركته الحمساوية..!!
نعرف طبعا أن الخطب خاصة الشعبوية لا يمكن لها أن ترمم واقعا ولا أن تعيد مصداقية لأكاذيب تكشفت وبانت حقيقتها المذمومة، وبقدر ما نعرف هذه الحقيقة، وقد أخبرتنا بها واقعيات التاريخ، بقدر ما لا يعرف إسماعيل هنية عنها شيئا، والذي طالما رأى ويرى في المنابر ضالته المنشودة خاصة الإقليمية منها..!! والأسوأ من ذلك أن هنية لا يغدو فلسطينيا من على هذه المنابر، وهو لا يتمثل أيا من القيم الفلسطينية، الوطنية والأخلاقية، وبإخوانيته لا يرى أن لفلسطين قامتها العالية التي لا تنحني لغير الله تعالى، وأن لها كرامتها وعزتها التي أكرمها شهداؤها بدمهم الزكي الطاهر، ما جعل لها تاريخا مشرفا من الأنفة والكبرياء، بفرسانها الذين قبّلوا أيادي أطفالها وجرحاها ونسائها النجيبات، ولأن فلسطين هي هذه الأبية، فإنها لا تعرف ولن تعرف هذا الذي يقبل الأيادي الغريبة، وعلى نحو ما يلعق العبد حذاء سيده..!! وعلى ما يبدو أن هنية لا يعرف كذلك، أن لفلسطين تاريخها وواقعها الكفاحي، الذي لم يمنح ولن يمنح شهادات النزاهة النضالية لأحد، غير الذين انخرطوا في دروب كفاحها الوطني ضد الاحتلال الإسرائيلي، ولفلسطين ممثلها الشرعي والوحيد منظمة التحرير الفلسطينية، بقرارها الوطني المستقل، الذي لم يسمح، ولن يسمح لأحد أن يجعل من القضية الفلسطينية، ورقة في خدمة مصالح الغايات التوسعية الإقليمية، لهذا الطرف أو ذاك، وتوظيفها كأداة في صراعات هذه المصالح التي لا تعرف دروبا لفلسطين..!!
وحقا ما الذي فعله إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إذن، وقد تطاول على مكانة فلسطين وتاريخها وقيمها وقيمتها الأيقونية التي شهد وما زال يشهد لها التاريخ والواقع والحقيقة..؟؟ لا وصف يرضي الواقع واللغة لما فعله..!! وحيث لا وصف للخطيئة، سوى أنها الخطيئة التي ليس بوسع أي ماء أن يغسل عارها وأن يمحو حقيقتها..!!!
لن يعود هنية إلى غزة كما تقول معلومات شبه مؤكدة، كي لا يعود مشعل رئيسا للمكتب السياسي، وحتى يترك غزة للسنوار صاحب النفوذ والقرار، في حركة حماس في القطاع المكلوم، ولأنه على ما يبدو هو المطلوب إسرائيليا، لتنسيق أمني أكثر فاعلية لتفاهمات التصالح التآمرية..!!
يبقى أن نقول إن من يبيع قضايا بلاده العادلة لقاء رضاء الممولين وأيا كان الثمن، سينطبق عليه المثل العربي الذي يقول "أحمق من أبي غبشان"، وأبو غبشان هذا هو الذي باع مفاتيح الكعبة لقصي بن كلاب بزق من الخمر..!!