القانون الدولي بحماية فلسطين
كتب: رئيس تحرير صحيفة "الحياة الجديدة"
على مأدبة عشاء، وبخفة المراهق الجهول، توهم صبي الإدارة الأميركية جاريد كوشنير، أنه وبكلام الخديعة والأكاذيب، وبحمى التحريض على الرئيس أبو مازن، سيقنع أعضاء مجلس الأمن الدولي، بحسن وسلامة بضاعته الفاسدة، المسماة "صفقة القرن"، التي لا تصح تسميتها بعد الآن بغير أنها "فضيحة القرن" لفكر الإنجيلية الصهيونية العنصري، ومقترحاته العدمية الرامية، لإشاعة العنف والفوضى والإرهاب، في سبيل هيمنته الامبراطورية المستحيلة..!!!
وعلى نحو واضح، تبدو مأدبة كوشنير هذه، شكلا آخر من أشكال استهانة الإدارة الأميركية الراهنة، بأطر الشرعية الدولية، وأساليب عملها التي تلزم بالحوار وتبادل وجهات النظر، لتسوية قضايا الصراع في هذا العالم، استنادًا لأحكام القانون الدولي، وتحت قبابها الشرعية، لكن ذلك حين يكون بعيدًا عن هذه القباب، ومن حول مأدبة عشاء، يتصدرها صبي الإدارة الأميركية، فهذا تعبير عن عدم احترام هذه الإدارة لهذه الأطر الشرعية، والاستخفاف بها وبدورها...!!!
في المقابل ولأن فلسطين بقيادتها الشرعية، لطالما نظرت وتنظر لأطر الشرعية الدولية، باحترام وتقدير بالغ، لقيمتها ومكانتها ودورها، وبالتزام أكيد بأساليب عملها وقراراتها، فإنها ستدعو المجتمع الدولي الاثنين، وتحت قبته الشرعية، إلى مأدبة مغايرة، هي بالتوصيف الواقعي الصحيح، مأدبة المعرفة، إذ سيحمل الرئيس أبو مازن، الى هذه المأدبة في مطالعة قانونية وسياسية موثقة، 300 خرق لأحكام القانون الدولي، التي انطوت عليها خطة الإدارة الأميركية الراهنة، وتزعم أنها خطة للسلام (..!!) من أجل أن يقف المجتمع الدولي، على حقيقة هذه الخطة، التي تستهدف علاقاته، وسبل عمله السياسي، بالفوضى والبلطجة والتدمير، بقدر ما تستهدف قضية فلسطين، التي هي قضية الحق المشروع، والسلام العادل، بالتصفية العنصرية الإجرامية..!!
لا مجاملات ستكون في مأدبة المعرفة الفلسطينية، ولا مساومات، ولا كلام للخديعة أو المزايدات ، ولا استعراضات ولا شعارات، وإنما الحقيقة كما هي، موثقة بلغتها ومرجعياتها ونصوصها القانونية، التي تفكك على نحو بليغ خطة إدارة ترامب، وتكشف عن طبيعتها وغاياتها العدوانية، بكونها ليست غير خطة حرب محمومة، على القانون الدولي، وضد الأمن والسلام والاستقرار، في هذا العالم، وليس في الشرق الأوسط فحسب، حرب ضد الحق والعدل، والكرامة، حرب ضد التبادل النزيه للمصالح المشروعة، وعلاقات الاحترام الدولية..!!! ما يفرض ضرورة التصدي لهذه الخطة كمهمة عاجلة للمجتمع الدولي إذا ما أراد تنمية مستدامة لمصالحه المشروعة، وعلاقاته التفاعلية النزيهة.
بقي أن نقول: إن مأدبة كوشنير بدت في مقاربات التاريخ وأمثولاته، كمثل العشاء الأخير، للسيد المسيح عليه السلام، لعل الإدارة الأميركية الراهنة، تحظى بيهوذا اسخريوطي جديد، ليسلم المسيح لصالبيه، وهذه المرة، بخمسين مليار دولار، وبذات معنى الثلاثين قرشًا من الفضة، التي كانت الثمن الذي قبضه يهوذا الاسخريوطي لقاء تسليم السيد المسيح لصالبيه..!! لكنا نعرف أن التاريخ لا يعيد نفسه في المرة الثانية إلا كمهزلة، وهذا ما ستؤكده مأدبة المعرفة الفلسطينية.