العجلة من الشيطان..!!
كتب: رئيس تحرير صحيفة "الحياة الجديدة"
وضع البعض في هجوم انفعالي، وحزبي متعجل، لقاء شخصيات فلسطينية، من لجنة التواصل مع المجتمع الإسرائيلي، ومنتدى الحرية والسلام الفلسطيني، مع نشطاء سلام إسرائيليين، في تل أبيب، السبت الماضي، وضعوه في خانة التطبيع (...!!) حتى قبل أن يصدر أي شيء عن هذا اللقاء، وبما يشكك بموضوعية هذا الهجوم ومصداقيته..!! ولو تمهل هذا البعض قليلا، وانتظر ما صدر عن هذا اللقاء، لكان يمكن لهجومه أن يقول كلاما آخر، غير الكلام المستهلك عن التطبيع، ما يمكن تقبله في إطار الحوار والجدل، فما صدر عن هذا اللقاء لم يكن له أية علاقة بالتطبيع، ولا بأي معنى من معانيه، ولا بأي مستوى من مستوياته، وانما بالعمل الوطني الحثيث لتحشيد قوى السلام اينما كانت، حيث إنه لم يكن على جدول أعمال هذا اللقاء، سوى البحث عن سبل تنشيط قوى السلام في إسرائيل، من أجل تحقيق السلام العادل، عبر الحل العادل وقد أثمر اللقاء عن وثيقة أكد فيها نشطاء السلام الإسرائيليون على حق شعبنا الفلسطيني في تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران 1967، وقد رأى اللقاء ما يراه الموقف الوطني الفلسطيني بشأن خطة ترامب بوصفها خطة فاسدة، بكونها "لم تحمل في أي عنصر من مكوناتها، ما ينسجم مع ضرورة التوجه نحو حل متفق عليه بين الأطراف، وليس حلا مفروضا من جهة اخرى، وبالتأكيد ليس حلا يفرضه ترامب أو غيره ".
ويبقى اللافت في هذه اللقاء، هو استجابته لدعوة الحفاظ على الأمل، والتحذير من قتله لدى شعبنا الفلسطيني، والتي أطلقها الرئيس أبو مازن، في مجلس الأمن الدولي الثلاثاء الماضي، فقد أجمع أطراف هذا اللقاء على "أن اليأس ليس واردا في معجمهم وأنشطتهم، وأنهم سيعملون سوية من أجل طرح بديل فوري لخطة ترامب يقوم على النضال المشترك والمثابر ضد كل أشكال الاحتلال أو الضم الذي تخطط له حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل وأكدوا أن السلام ليس خيارا فقط بل وضروري والطريق إلى تحقيقه يمر من خلال الاعتراف بحق الجميع في تقرير المصير" وكل هذا يعني بالطبع أن الأمل، الذي يحذر الرئيس أبو مازن من قتله، والذي على كل نشطاء السلام الحفاظ عليه، هو من مكونات السعي الجاد لتحقيق السلام العادل، وليس في كل هذا ما يشي بالتطبيع ولا بأي حال من الأحوال، ودائما العجلة من الشيطان.