حفريات الاحتلال تهدد أحياءً في القدس القديمة
بلال غيث كسواني
ينتهي الزائر إلى البلدة القديمة بمدينة القدس، كلما اتجه جنوبا من باب العامود عبر طريق الواد إلى سوق السلسلة وحوش النيرسات، أحد الأحياء القريبة من المسجد الأقصى وحائط البراق، والذي يتهدده الهدم بفعل حفريات الاحتلال أسفله.
أحياء باب السلسلة وحوش النيرسات وحي القرمي وأحياء أخرى محيطة بالمسجد الأقصى وبسلوان جنوبا تتهدد حياة سكانها الانهيارات بفعل الحفريات.
ذات القاتل، الاحتلال الذي تسبب في جريمة تشقق المنازل، سلّم سكان حوش النيرسات إخطارات بإخلائها بحجة الخشية على حياتهم التي دمرتها الحفريات.
يقول عمار عابدين صاحب أحد المنازل المتضررة في حي النيرسات: إن العائلات تفاجأت بتسرب مياه كبير تحت المنازل بعد انفجار المواسير أسفل الحي، حيث تسببت الحفريات والمياه بتشققات في 11 منزلا في الحي، وبعد ذلك أخطرت سلطات الاحتلال قاطنيها وأنا أحدهم بالخروج من منازلنا على الفور، وهذا شمل 100 مواطن مقدسي.
عز الرشق أحد سكان حوش النيرسات، يؤكد إن تشققات كبيرة حدثت في المنازل من المياه التي دخلت تحت الأرض، وتضررت 24 عائلة تم إخطار 11 منها بالخروج من منازلها.
وأضاف الرشق أن حفريات الاحتلال تتسب بتشققات، وأن كل أبواب المنازل لم تعد تقفل بسبب هذه التشققات، فكل المنطقة تضررت بشكل كبير.
وأشار إلى أن الاهالي يسمعون صوت الحفريات أسفل المنازل، فعندما جاءت شركة جيحون لفحص تسرب المياه وجدت أن كثيرا من الأنابيب قد انفجرت بفعل الحفريات.
من جانبه، قال المختص في شؤون القدس فخري أبو ذياب "إن الحفريات التي تجري في كل البلدة وتحديدا في جنوب البلدة القديمة وفي سلوان بدأت آثارها تظهر بشكل كبير، ونحن نتخوف حاليا على المسجد الأقصى، فهي حفريات أيديولوجية لها أهداف كثيرة، أهمها طمس الاثار العربية الإسلامية في المدينة المقدسة، إذ يوجد كنز من الآثار تحت الأرض يقوم الاحتلال بتدميره، ويسعى لاصطناع حضارة مزورة بعد فشله بإثبات وجوده في المنطقة".
وأوضح أن منازل حوش النيرسات وباب السلسلة تعود للعهد المملوكي، وأسفل كل هذه المنازل فارغ والاحتلال يسعى لاستهداف تلك المنطقة من أجل خلق تواصل استيطاني بين المنازل التي استولى عليها في المحيط العربي هناك.
وبين أبو ذياب أن آلاف الأطنان من الأتربة والصخور أخرجت من أسفل منازل المقدسيين في أحياء البلدة القديمة وفي أحياء سلوان جنوب المسجد الأقصى المبارك، وكثير من المنازل اصيبت بتشققات وتصدعات، وبدل أن يقوم الاحتلال بوقف اسبابها، يعطي أوامر بإخلاء المنازل، وهو هدف أساسي بطرد المقدسين وإحلال المستوطنين مكانهم.
وأضاف: إن هذه إجراءات خطيرة جدا، فالحفريات تهدد التاريخ العربي الإسلامي تحت الأرض، وخطورة فوق الأرض بانهيار المنازل فوق ساكنيها، وهي إحدى وسائل طرد المقدسيين، فالاحتلال يعمل حاليا على مشروع باسم "أورشليم حسب الوصف التوراتي" لإنشاء مدينة حسب معتقدات الصهاينة أسفل الأحياء العربية.
وتابع: تهدف الحفريات أسفل المنازل لترويج الرواية التلمودية وللوصول إلى أسفل المسجد الأقصى، ونتيجة سحب الأتربة أصبحت أساسات المنازل معلقة في الهواء، وسينهار الكثير من المنازل نتيجة لذلك في حال حدوث أي زلزال.
من جانبه، قال المتخصص في شؤون القدس جمال عمرو، شهدنا تشققا مبكرا في موسم الشتاء الجاري في أحياء البلدة وهذا يهدد بانهيار منازل في حال دخول الكثير من المياه إلى اساسات البيوت بفعل الحفريات، مشيرا إلى أن ما يجري في حوش النيرسات وباب السلسلة هو جريمة حرب مكتملة الأركان، فما يجري بفعل الاحتلال وليس بفعل الطبيعة.
وأضاف أن التشققات هي فقط في حي السلسلة وفي حوش النيرسات ولم تسجل مثلا في الحي الأرمني القريب ما يؤكد أن ما يجري هو بفعل حفريات الاحتلال، مشيرا إلى ان هدف الاحتلال بالأساس هو السيطرة على ما هو تحت الأرض لإكمال تخطيط مدينة يهودية أسفل القدس العتيقة، وهم ينفقون الملايين من أجل إنجاز هذا المشروع.
وأوضح عمرو، أن بعض السكان يصابون بحالة من الاحباط واليأس ويتركون منازلهم، وهنا تتحول هذه البيوت الفارغة إلى بؤرة استيطانية، ويجري تقويتها وترميمها كي يستولي عليها المستوطنون، لذلك علينا العمل من أجل ترميم بيوت المواطنين المقدسيين لحمايتهم من التهجير.
وأشار إلى أن الأنفاق تجتمع كلها تحت باب السلسلة من جميع الاتجاهات، وهي أضعف منطقة في البلدة القديمة، وأكثر منطقة تعرضت للحفريات، وفي نفس الوقت هي منطقة التقاء القنوات المائية المحفورة أسفل المدينة، ما يعني تعرض تلك المناطق لتهديدات كبيرة.