لجنة التواصل
كتب: رئيس تحرير صحيفة "الحياة الجديدة"
لطلما تظل دروب النضال الوطني، هي الدروب الصعبة، التي لا يحسن الراجفون، ولا الاستعراضيون، ولا الراضخون لتعليمات التمويل الحرام، السير فيها، ولا حتى الاقتراب منها، وثمة آخرون لا يدركون الواقع بقدر ما هم معلقون بحبال شعارات الخديعة اللغوية، التي توهم بتطهرية (...!!) لا تقود في المحصلة، لغير تطرف أعمى، فيبتعدون عن دروب النضال الوطني الصعبة، قدر ابتعادهم عن الواقع ومعطياته وحقائقه ..!! ولعل من أهم دروب النضال الوطني الفلسطيني، هي الدروب التي تقود إلى اختراق ساحات المحتل الإسرائيلي، لبعث خطاب الحق الفلسطيني بين صفوفها، ولأن هذه الساحات بحكم تراكيبها الاجتماعية، والعرقية، وحتى الحزبية، ليست نسخا واحدة عن ذواتها السياسية والعقائدية، ولها من المخاوف المستقبلية، ومن الرؤى الموضوعية، ما يجعلها قابلة للحوار الذي يسعى إليه خطاب الحق الفلسطيني، من أجل تسوية عادلة، تؤمن السلام العادل، والذي يظل أبدا، هو سلام فلسطين الدولة السيدة، بعاصمتها القدس الشرقية، وبالحل العادل لقضية اللاجئين.
في دروب النضال الوطني هذه، وبقيادة الرئيس أبو مازن، خير العارفين بواقع ساحات المحتل الإسرائيلي، وبطبيعة الصراع مع هذا المحتل، وسبل تسويته بالواقعية النضالية، التي لا تخشى اقتحام أصعب ساحات الاشتباك، وأكثرها التباسا، وهي المسلحة بالثوابت الوطنية المبدئية، التي صاغها المجلس الوطني الفلسطيني عام1977 من القرن الماضي، وما انفك يكرسها في دوراته المتعاقبة، وعلى نحو ما أكدها ويؤكدها خطوطا حمرا لا يمكن تجاوزها، في هذه الدروب وبقيادة الرئيس أبو مازن، يمضي المناضلون الفلسطينيون، ومنهم لجنة التواصل مع المجتمع الإسرائيلي التي حققت تقدما لافتا في تفعيل نشطاء السلام في إسرائيل، عبر الحوار المسلح بالثوابت المبدئية الوطنية، ولنا في لقاء تل أبيب الأخير الذي جمع برلمان السلام الإسرائيلي مع أعضاء من لجنة التواصل وشخصيات وطنية فلسطينية، خير مثال على حقيقة هذا التقدم، إذ نتجت عن هذا اللقاء، وثيقة سياسية غاية في الأهمية، حيث أكد نشطاء السلام الإسرائيليون في هذه الوثيقة، على حق شعبنا في تقرير مصيره، وبناء دولته المستقلة، على حدود الرابع من حزيران، بعاصمتها القدس الشرقية، وكتبنا ونكتب إن هذا اللقاء رأى ما يراه الموقف الوطني الفلسطيني بشأن خطة الرئيس الأميركي ترامب، بوصفها خطة فاسدة مقررا "أنها لا تحمل في أي عنصر من عناصرها، مع ضرورة التوجه نحو حل متفق عليه بين الأطراف، وليس حلا مفروضا من جهة واحدة وبالتأكيد ليس حلا يفرضه ترامب أو غيره" وهذا بالنص تماما.
ومرة أخرى كل الذين هاجموا هذا اللقاء، وقبل أن يقرأوا وثيقته السياسية، أدركهم خطأ المواقف المسبقة، الذي قادهم إلى لغة غير موضوعية، وإلى طعن غير مشروع، في وطنية أعضاء لجنة التواصل، وعلى نحو الافتراء المحموم، وهو الطعن الذي يستوجب ملاحقة قضائية، طبقا للقانون الأساسي.
يبقى أن نستشهد بما أدرك الإمام الشافعي رحمه الله من حكمة بليغة حين سئل "كيف تعرف أهل الحق؟ قال: اتبعوا سهام الباطل تعرفونهم"، وها نحن نعرفهم وسهام الباطل تنهال على المناضلين من أعضاء لجنة التواصل المُشَكَّلة بشرعية قرارات المجلس الوطني الفلسطيني واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ولا شيء أوضح الآن من كل ذلك.