عمداء الأسر
صلاح الطميزي
51 أسيراً (من أصل 5 آلاف يقبعون اليوم في السجون) أمضوا أكثر من 20 عاماً خلف قضبان سجون الاحتلال، في سبيل قضيتهم العادلة وأمنيتهم بدولة فلسطينية حرة، عاصمتها القدس الشريف.
يعتبر الأسير كريم يونس (64) عاما من سكان قرية عارة بأراضي عام 1948، والذي دخل عامه 37 في سجون الاحتلال عميد الأسرى، وأقدم أسير فلسطيني في سجون الاحتلال الإسرائيلي، حكم عليه بالسجن المؤبد، حدد فيما بعد بـ40 عاما.
شقيق كريم، نديم يونس، قال لـ"وفا": كريم أسطورة النضال والصبر والتضحية من اجل القضية الفلسطينية، ومدرسة في العطاء، ويتمتع بمعنويات عالية بعد أن أمضى عشرات السنوات متنقلا بين المعتقلات الإسرائيلية اللاإنسانية.
وأضاف: في بدايات اعتقاله، لم نكن نعرف عنه شيئا، وأمضينا زمنا نبحث عنه، فالاحتلال لم يسمح لنا أو لجهة ذات اختصاص بمعرفة مصيره.
وتابع: تعرض كريم لأسوأ أنواع التعذيب والتحقيق، وصدر بحقه في البداية حكماً بالاعدام، لفرض حالة من الرعب وتدمير معنويات العائلة والمناضلين الفلسطينيين، إلا أن العائلة استأنفت الحكم وقدمت اعتراضا لا سيما بعدم وجود قانون إسرائيلي يقضي بعقوبة الإعدام للأسرى في سجون الاحتلال.
وطالب نديم المجتمع الدولي والمؤسسات الإنسانية والحقوقية بالتحرك للإفراج عن شقيقه الذي أنهكه الأسر، مبديا مخاوفه من انتشار فيروس كورونا بين الأسرى في ظل تردي الأوضاع الصحية في سجون الاحتلال وزيادة المخاوف على الحركة الأسيرة التي تعاني من الإهمال الطبي المتعمد من قبل مصلحة السجون الإسرائيلية.
ويعتبر كريم من أبرز قيادات الحركة الأسيرة ورموزها وشغل ممثل الأسرى في أكثر من معتقل، ومناضلا من الطراز الأول يرفض الاستكانة والاستسلام رغم أنه هادئ الطبع وفي الصراع مع إدارة السجن يتفانى في النضال والجهد والعمل من أجل حقوق الأسرى، ويمتلك الكثير من الوعي والخبرة والثقافة التي كرسها في خدمة الحركة الأسيرة وتطوير أوضاعها وقدراتها الوطنية والنضالية والتنظيمية والاعتقالية".
وذكر نادي الأسير أن "الأسير كان في الموقع القيادي الأول في جميع المعارك التي سطرتها الحركة الأسيرة في كافة المراحل في صراعها المرير مع إدارة السجون، ورغم تعرضه للعقاب والعزل والنفي من سجن لآخر لم يكن يتأخر عن المشاركة في الصراع دفاعا عن الحركة الأسيرة ومكتسباتها.
ومن قافلة عمداء الأسرى، الأسير محمد الطوس (أبو شادي)، من سكان قرية الجبعة في محافظة الخليل، وكان قد اعتقل في السادس من تشرين الأول/ أكتوبر1985 بعد أن نجا بأعجوبة من كمين للاحتلال في جبال الخليل، الذي أطلق وابلا من الرصاص على السيارة التي كان يستقلها برفقة مجموعته الفدائية، فارتقوا جميعا شهداء فيما تم اعتقال "الطوس" بعد نجاته من جريمة الاغتيال المحقق.
أصيب "الطوس" بعدة رصاصات، وانهال عليه جنود الاحتلال بالضرب وهو ينزف من جراحه، قيدوه مصابا، ثم نقلوه للزنازين والتي مكث فيها أكثر من ثلاثة أشهر، تخللها تعذيب وتحقيق طويل وقاس، بتهمة الانتماء لـ"حركة فتح"، وتنفيذ عمليات فدائية ضمن مجموعة مسلحة وناشطة. وبعد رحلة من المعاناة خلال جلسات المحاكمة التي لم يعترف بها ابو شادي، حكم بالسجن المؤبد (مدى الحياة)، أمضى منها حتى اليوم 35 عاما في عتمة السجون، حيث يتمسك بالأمل والحياة، عبر ممارسة الرياضة والحفاظ على لياقته وصحته.
ويقول نجله شادي "خلال زيارتي الأخيرة لوالدي التي كانت قبل شهرين، وجدته ما زال محبا للحياة، يكرس وقته في خدمة الأسرى ورفع معنوياتهم، ويعمل من اجل الوحدة الوطنية" أملا بالإفراج عن والده وقدامى الأسرى، ضمن صفقة الإفراج التي أبرمت في أوائل العام 2014 بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي والتي تنصل منها فيما بعد.
أما ابنته فداء، فقالت لــــ"وفا": تزوجت قبل 15 عاماً، دون وجود أبي، ورغم أنه كان يوم العمر، إلا أنه ظل يوماً منقوصا، ومع ذلك، فقد حضر أبي بهديته الغالية، مجسم لقبة الصخرة المشرفة، طرزها بيديه، أتنفسها فأجد رائحة أبي فيها.
ومن عمداء الأسرى، عميد أسرى قلقيليه، محمد عادل داود (58 عاماً)، والمعتقل منذ 33 عاماً، ومحكوم بالمؤبد. ويعاني من عدة أمراض منها الصدفية، وآلام حادة في الأسنان.
ويقول شقيقه وائل: "لم يتبقَ من العائلة أحد يسمح بزيارته إلا انا" مشيرا إلى أن عائلته فقدت الكثير من أعمامه وأقربائه بالدرجة الأولى، وأن الاحتلال لم يسمح لشقيقيه الآخرين وأخته للزيارة بحجج أمنية. وأبدى وائل، مخاوفه على حياة شقيقه الذي أنهكته سجون الاحتلال، وسياسة الإهمال الطبي التي تنتهجها مصلحة السجون الإسرائيلية، والتي تفاقمت سوءا في ظل انتشار فيروس كورونا الذي أصبح يهدد حياة الآلاف من الأسرى الفلسطينيين والعرب في سجون الاحتلال.
_