عودة الطائرات إلى سماء نابلس
بدوية السامري
على قمة جبل جرزيم جنوب نابلس، يعتلي بعض المواطنين أسطح منازلهم مساءً ليلهوا بطائراتهم الورقية من صنع أيديهم، بينما يراقب الأطفال من النوافذ حركتها وميلانها.
الشبان يتنافسون فيما بينهم بتصوير طائراتهم الورقية، أيها ستحلق أكثر، وأيها الأجمل؟، الآباء يصنعوها لأبنائهم لإدخال البهجة على قلوبهم كما فعل اسحق حسني حيث صنع لابنته طائرة كتب اسم ابنته "ليماي" عليها.
طائرات عدة تحلق فوق سماء جرزيم يوميا هذه الأيام بعد أن اختفت لسنوات عدة، فقد غابت تلك الطائرات عن الجبل لحلول أشياء عدة مكانها كالتكنولوجيا، لكنها عادت الآن لتكون ملهاة للكثيرين في حجرهم المنزلي مع الإجراءات الاحترازية لمحاربة انتشار فيروس "كورونا" المستجد.
وكما تحلق عدد من الطائرات فوق جرزيم تحلق العشرات منها يوميا فوق سماء المدينة نابلس.
عاد المواطنون إلى صنع الطائرات الورقية خلال حجرهم المنزلي للخروج من واقعه إلى الحرية من خلال هذه الطائرات لتوق المواطنين الى السفر والخروج من واقعهم.
وابتعد الشباب والأطفال عن الهواتف النقالة والتكنولوجيا قليلا وتوجهوا لصناعة الطيارات الورقية ومراقبتها.
فها هي "كورونا" تغير العادات على أرض الواقع لتلعب دورها كما غيرت الكثير من الأمور في العالم من حولنا.
لكن العديد من الأهالي توجهوا الى أشخاص عدة لشراء طائرات ورقية لأبناءهم.
حسان الزربا أحد الأشخاص الذين يصنعون الطائرات الورقية ويبيعها، يقول أنه قام بصنع أكثر من ثلاثين طائرة ورق وبيعها الى الآن.
الزربا يعمل في الدهان والجبص، لكنه صنع أول طائرة ورقية نشرها أحد المواقع على الفيس بوك وبعدها بدأ المواطنون بالتوجه إليه لطلب صناعة غيرها.
ويستخدم الزربا كما يقول أعواد الخشب والنايلون والخيطان لصناعة الطائرة.
وأهم ما يجب الانتباه له في صناعة الطائرة هو ميزانها بأن يكون صحيحا.
ورغم تراجع اهتمام الناس بها في السنوات الأخيرة الا أنها عادت بقوة هذه الأيام فهي لا تزال تحتفظ بجاذبيتها وحضورها حيثما أتيح لها مجال للتحليق.
ومهما اختلفت أشكال الطائرات الورقية فهي ظلت مرتبطة بالطفولة وبأوراق الدفاتر المدرسية وأعواد القصب التي كانت تصنع منها هياكل الطائرات، لكن الآن حل محلها النايلون وأعواد الخشب.
وحكاية الطائرة الورقية قديمة جداً. وربما يعجز أي تاريخ عن تتبع بداياتها الحقيقية. ومع هذا هناك من يقول دائماً إن أول ظهور لطائرة الورق، في أوروبا على الأقل، يعود إلى القرن الخامس قبل الميلاد. إذ تقول التقاليد إن العالِمْ الإغريقي أرخيتاس, كان أول «مخترع» لها.
والحقيقة أن هذه الفكرة ظلت سائدة، في أوروبا أيضاً، لزمن طويل، حتى كشفت الكتب ونصوص أدب الرحلات واللوحات الفنية والنصوص الأدبية الآسيوية، أن «طائرة الورق» كانت موجودة في التقاليد الشعبية والدينية في معظم مناطق شرقي آسيا منذ أقدم العصور.
وتوزعت الطائرات الورقية على معظم أجزاء العالم، فكانت لعبة جميع الأطفال أياً كان مستواهم الاقتصادي، لأنها تحمل في طبيعتها أحلام الانسان بالطيران، ولكن استخدامها لم يقتصر على المرح، فقد دلّت الكتابات والرسومات الروحانية التي تعود إلى مطلع القرن الحادي عشر الميلادي إلى أن الرومان كانوا يستخدمون الطائرات الورقية كرايات عسكرية.
كما عادت ألعاب عدة الى الانتشار داخل المنازل في فترات الحجر المنزلي بعد أن انحسرت لسنوات مثل الشطرنج.
ــــ