سيرة العبث
كتب: رئيس تحرير صحيفة "الحياة الجديدة"
لا يكتب سيرة من هذا النوع سوى الجهل والتخلف والطيش الذي هو نتاج الحماقة وربيبها...!! وعليه ينبغي أن يكون واضحا أن مجتمعنا الفلسطيني بريء من هذه السيرة، وتاريخه حافل بحكايات تشهد على سلامة قيمه الاجتماعية والأخلاقية، الطاردة للعبث والفوضى، ولا شك أن هذه القيم هي التي حاربها وما زال يحاربها الاحتلال الإسرائيلي، سواء بأدواته العميلة، أو من خلال الاستغلال غير المباشر لذلك الطيش، وتحريضه على تعميم سلوكياته العبثية، عبر ترويج الشائعات والفبركات، ضد السلطة الوطنية ومهمتها الاجتماعية تحديدا، ونرى الاحتلال اليوم يدفع، وعلى نحو محموم، لتعميم سيرة العبث، وتحويلها إلى ظاهرة في مجتمعنا لعله يكتب ما يريد من تاريخ لمشروعه الاستعماري في الضم وتأبيد الاحتلال..!!! ومهلا لن نضع رؤوسنا في الرمل كتلك النعامة، فلسيرة العبث وجه آخر، يتعلق بضرورة تحمل مسؤولياتنا، لوضع حد لهذه السيرة الخطيرة والمعيبة، وبالقانون ولا شيء سواه، والذي ينبغي أن يكون سيداً في إدارة شؤون حياتنا اليومية أن تكون بليغة الأمن والأمان.
يفرض العقد الاجتماعي احتكار ممارسة القوة ضد كل أشكال الخروج عن القانون، سواء كان هذا الخروج بأفراد أو جماعات، وكل خروج عن القانون، هو جريمة جنائية، ولا يمكن لأي مجتمع أن يتطور إذا ما سمح للجريمة، والعبث والفوضى وجه من وجوهها، أن تتسيد حياته، وأن تشكل بيئته، وفي كل مكان من هذا العالم نرى القوة التنفيذية للقانون، تخوض مختلف المعارك ضد الجريمة، كي تجعلها في أدنى مستوياتها، على طريق وضع حد لها.
ونعرف واقعنا، مثقل بعثرات منوعة أساسها الاحتلال الإسرائيلي، لكننا لن نجعل هذا الاحتلال شماعة نعلق عليها سيرة العبث إذ لا بد أن نتصدى سلطة ومجتمعا لهذه السيرة بمعالجات قانونية وثقافية ومعرفية وإنسانية تؤكد حقيقة قيمنا الاجتماعية والأخلاقية بسلامتها الأصيلة... سيرة العبث ليست سيرتنا ولن تكون.