سلام بلا خيول
كتب: رئيس تحرير صحيفة "الحياة الجديدة"
لو جاءت دولة الإمارات إلى سلام مع إسرائيل وهي على صهوة خيولها، لكنا سنصفق لها، ونرفع لمقام خيولها خطاب المديح، لكن نتنياهو هو من أعلن أنه وقع "اتفاق السلام" مع الإمارات من موقع القوة، ما يعني أن دولة الإمارات جاءت إلى هذا السلام (...!!) طائعة لشروطه، وغاياته الأميركية الإسرائيلية، التي لا علاقة لها بأي سلام، ولا من أي نوع، ولا من أي معنى، ولا من أي قيمة..!!! وقد يحسب البعض أننا نتجنى على واقع الحال الإماراتي – الدولة لا الشعب - فيعترض متذرعا "بأوسلو" بأنها هي التي فتحت الطريق لبعض العرب كي يرتبطوا بإسرائيل (...!!) متجاهلاً أن "أوسلو" كانت لفك الاشتباك مع إسرائيل، كخطوة أولى نحو السلام الممكن، وليس الارتباط بها مع استمرار احتلالها، هذا الارتباط الذي تريده الآن اتفاقات التطبيع، وهي تضرب عرض الحائط، بكل قرارات الشرعية الدولية، والقمم العربية، ومبادرة السلام التي أقرها العرب في قمة بيروت عام 2002 ، وقد يزيد هذا البعض متجنياً أن الفلسطينيين جاءوا إلى أوسلو دون خيول أيضا...!!! متناسياً، وبقصدية الدفاع عن الخطيئة الإماراتية، أننا لم نذهب إلى أوسلو ونحن عرايا الثوابت الوطنية المبدئية، ولا الموقف النضالي، ولا التطلع العادل والمشروع، كنا قادمين من الخنادق، وغبار المعارك التي خضنا ضد الاحتلال الإسرائيلي، ومؤامراته وتحالفاته، المعلن منها، والمخفي الأخطر، ما زال على أكتافنا، ولم نذهب الى أوسلو بخيارات الاحتلال وشروطه، وإنما جئنا إليها بخياراتنا، وبقرارنا الوطني المستقل، وبخيارات وقرارات الشرعية الدولية، وباختصار جئنا إلى أوسلو ونحن على صهوات خيول ملحمتنا البطولية الواقعية، التي كتبنا فصولها المشرقة، بدم شهدائنا البررة، في دروب ثورتنا المسلحة، من نفق عيلبون، إلى معركة التياسير، ومعركة الكرامة، إلى معارك "فتح لاند" والملحمة الأسطورية في التصدي للاجتياح الإسرائيلي للبنان، والذي وصل إلى بيروت عام 82، فلم تتقدم في شوارعها دبابات إسرائيل، سوى بضعة أمتار بطول سبطاناتها فحسب...!! جئنا إلى أوسلو بذخيرتنا الوطنية والقومية ولأجل سلام ممكن لفلسطين والأمة العربية كلها، فلا ينبغي لأحد أن يبرر اليوم توقيعه لمعاهدات التطبيع المذل مع دولة الاحتلال، لأن الفلسطينيين سبقوهم في التوقيع على اتفاقات مع هذه الدولة...!! هذا التبرير بقدر ما هو مغالط للواقع والحقيقة، بقدر ما هو دلالة ضعف، وتهالك، وجهل مصنع لأغراض التسويق الدعائي للخطيئة التي لا يمكن تسويقها..!!
وحسبنا اليوم أن التطبيع في خطاب الروح العربية، وموقفها من المحيط إلى الخليج، إنما هو جريمة كبرى لا يمكن السكوت عنها، ولن يسكت عنها واسمعوا صوت فلسطين بفصاحته العربية هذه المؤامرة لن تمر وشعبنا يقف صفاً واحداً ضدها.