فلسطين .. والأمم المتحدة
كتب: رئيس تحرير صحيفة "الحياة الجديدة"
بقدر ما تتوغل الإدارة الأميركية الراهنة ومعها محظيتها دولة الاحتلال الإسرائيلي، في خروجها عن الشرعية الدولية، والتآمر على قراراتها، بقدر ما تتمسك فلسطين بهذه الشرعية، لا تقديرا واحتراما لمكانتها، وقيمتها فقط وإنما لتأكيد ضرورتها الأخلاقية والقانونية، لصياغة أفضل علاقات التعاون والتفاهم بين دول العالم، وتحقيق التسويات السلمية للصراعات الإقليمية، والدولية،، طبقا للقانون الدولي، وبعيدا عن الغطرسة العنصرية، والعنف المسلح، والإرهاب المنظم.
وإذ تتمسك فلسطين بهذه الشرعية فإنها تواصل المضي في دروبها بموقف وسلوك الدولة المسؤولة عن سلامة هذه الشرعية، في إطار تفعيل قراراتها الخاصة بالقضية الفلسطينية، والتي لا تزال "هي الامتحان الأكبر للمنظومة الدولية ومصداقيتها" كما جاء في كلمة الرئيس أبو مازن، في الذكرى الخامسة والسبعين لإنشاء الأمم المتحدة، وبهذه الكلمة تؤكد فلسطين مصداقية احترامها، وتقديرها لهذا الإطار الأممي، وتمسكها به سبيلا من سبل نضالها المشروع، للخلاص من الاحتلال الإسرائيلي وتحقيق السلام العادل.
الخارجون عن الأمم المتحدة، خارجون عن القانون، لا الدولي فحسب، وإنما حتى الجنائي كذلك، لأن أي خروج في هذا السياق لا يخلف غير الجريمة، وهذا ما على المجتمع الدولي أن يراه بمنتهى الوضوح، وأن يدافع تاليا عن منظومته القانونية والأخلاقية، لطالما هو من أقر هذه المنظومة، وهذا ما دعا إليه الرئيس أبو مازن في كلمته، موضحا أنه دفاع الالتزام بقرارات الشرعية الدولية، من خلال إتمام الأمم المتحدة مسؤوليتها في تحقيق التسوية السلمية لقضية فلسطين.
لا تريد فلسطين سوى أن يأخذ شعبها مكانه الشرعي والطبيعي بين أمم العالم وشعوبه، وهي في هذا السياق لا تطالب بغير حقوقها الشرعية، ولن تقبل مثلما شدد الرئيس أبو مازن في كلمته "بأقل مما أقرت به المنظومة الدولية، حقا أصيلا للشعوب كافة".
لا يطرق الرئيس أبو مازن هنا أبواب الأمم المتحدة، ولفلسطين مقعدها في هذه المنظمة الأممية وإنما يدعوها من فوق هذا المقعد، أن تجسد على نحو عملي ضرورتها الأخلاقية، والقانونية، كإطار للتسويات العادلة.
نتمسك بالأمم المتحدة، لأن فلسطين الدولة تحترم مسؤولياتها الدولية، وإطارات هذه المسؤولية، ولأنها لا تسعى لغير التوصل للتسوية السلمية لقضيتها، التي بوسع قرارات الشرعية الدولية، حال تفعيلها كما يجب بنزاهة وصرامة معا، تحقيق هذه التسوية، خمسة وسبعون عاما عمر الأمم المتحدة اليوم، هي ذاتها عمر القضية الفلسطينية في أروقة هذه المنظمة، وفي أوراقها والكثير من قراراتها، ولهذا آن الأوان للأمم المتحدة، أن تنظر لعمرها بعين الحكمة والتقدير، وتحمل قراراتها بشأن القضية الفلسطينية، إلى طاولة التسوية السلمية، والحل العادل، وإلا فإن التاريخ لن ينظر لهذه السنوات كلها، سوى أنها سنوات ضائعة من عمر البشرية.!!