فلسطين دائما
كتب رئيس تحرير صحيفة الحياة الجديدة
ما جرى وتحقق يوم الاثنين الماضي، في جلسة مجلس الأمن الدولي من استجابة بليغة، لدعوة الرئيس أبو مازن، مناقشة رؤيته لعقد مؤتمر دولي للسلام، ينهي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ويحقق الحل العادل للقضية الفلسطينية، نقول ما جرى وتحقق في هذا الإطار، لايدع مجالا للشك، أن الشرعية الفلسطينية لها مكانتها اللافتة بين أوساط المجتمع الدولي، وتحظى باحترامه وتقديره وتفهمه لخطابها السياسي، بحكم مصداقيته الموثوقة، ورؤيته الصائبة، وبقدر ما باتت هذه الحقيقة واضحة تمام الوضوح، بقدر ما يعني أن الإجماع الدولي على القضية الفلسطينية، ما زال حاضرا بقوة خطابه السياسي، الذي أكد مجددا في جلسة مجلس الأمن هذه، على ضرورة تجسيد الحل العادل للقضية الفلسطينية، طبقا للقانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية، وهذا ما تحمله رؤية الرئيس أبو مازن، وأساس دعوته لعقد المؤتمر الدولي للسلام.
وفي هذه الجلسة التي يصح وصفها بالمفصلية، نرى العالم وهو في أعلى أطره الشرعية، قد جسد مرة أخرى، بيئته السياسية الطاردة لصفقة الرئيس الأميركي "دونالد ترامب" الموصوفة بأنها "صفقة القرن" وطاردة أيضا، وبوضوح شديد لأية مشاريع أخرى لا تقوم على أساس قرارات الشرعية الدولية، ونعرف طبعا أن ما شكل هذه البيئة، ووضع لها حجر الأساس في بنيتها السياسية، إنما هو موقف الرئيس أبو مازن الذي أعلن لا قاطعة، جملة وتفصيلا، لصفقة القرن منذ لحظتها الأولى.
ومن المهم أيضا أن نشير إلى أن جلسة مجلس الأمن هذه، قد أهالت تراب الحقيقة الفلسطينية، على خطل التطبيع، وأوهامه، ومزاعمه التي لن تعود قادرة على الحياة بعد الآن، ونعني المزاعم التي تتحدث عن مناخ السلام الذي يوفره التطبيع(...!!) فلا مناخ للسلام طبعا يمكن أن يكون، سوى الذي توفره فلسطين بشرعيتها وأهلها، لأن لا أحد بوسعه أن يتكلم نيابة عنها، ولا حق سوى لمنظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا، وإطارنا الجامع لإنجاز مشروعنا الوطني في الحرية والاستقلال.
العالم اليوم بعد جلسة مجلس الأمن هذه، وبلا مبالغة، في كفة مع فلسطين، والولايات المتحدة وإسرائيل في كفة، حيث وحدهما فقط من خالف الإجماع الدولي على القضية الفلسطينية، وسبل حلها عبر مؤتمر دولي للسلام مستندا إلى قرارات الشرعية الدولية. وهذه هي فلسطين بقوة شرعيتها، ومصداقية خطابها، وسلامة أخلاقياتها المسؤولة، الساعية لإقرار الحق والعدل والسلام، وستبني على ما تحقق لها في مجلس الأمن الدولي لتواصل حراكها النضالي، السياسي والدبلوماسي، وقد تأكدت فاعليته المنتجة، رغم مختلف الصعوبات، والعراقيل، والأزمات، وقلة الإمكانيات.