لبنان: الفلسطينيون اللاجئون من سوريا يرفضون التفويضات المسمومة والمشبوهة
بيروت - الحياة الجديدة- هلا سلامة- حيث تكون القضية قضية وطن ويكون الحق حق شعب بأكمله لا بد للمؤامرات الكبيرة أن تسقط مهما كانت الوسيلة التي تحاك بها.. بعد قرن من الزمن على "التفويض" الذي منحه بلفور بموجب وعده للصهاينة باحتلال فلسطين وتشتيت شعبها في العام 1917 لا يسعنا إلا أن نقول إن هذا التفويض ما زال بحكم الساقط طالما أن الشعب الفلسطيني لم يستسلم بالرغم من كل التضحيات الجسيمة التي ما زال يقدمها والمنبثقة عن حقه بالعيش بأمن وسلام على أرضه.
ولولا ذلك لما كان المحتل الإسرائيلي حتى اليوم ورغم ترسانته العسكرية الضخمة بحاجة لأن يحتجز أطفال فلسطين في زنازينه ولأعوام طويلة كي يخفت صوت الحق الذي بدا أنه يرهبه أكثر من إرهاب جرائمه...
اليوم يعيد المتآمرون الكرة ولو بأوجه جديدة منها الواضح ومنها المقنع في محاولة للالتفاف على الفشل الصهيوني في تركيع الشعب الفلسطيني داخل وطنه المحتل وشتاته المرير ليكون أمام نكبة جديدة لا تختلف بأهدافها ولو تغيرت خططها.
عبر التفويضات المسمومة والمشبوهة.. يرفض الفلسطينيون اللاجئون من سوريا في مقابلات أجرتها معهم "الحياة الجديدة" استغلال تهجيرهم من سوريا إلى لبنان بهدف الانقضاض على حقوقهم في وطنهم الأم فلسطين وعلى رأسها حق عودتهم المكفول بالقرار الأممي 194.
غازي اللوباني ابن بلدة لوبية في قضاء طبريا المولود في سوريا ولديه ستة أولاد نزح إلى مخيم الرشيدية في العام 2012 يقول: نحن خرجنا من مخيمات سوريا لانعدام السبل أمامنا، ولم نكن في يوم نفكر بالهجرة لأن الحقوق والواجبات كانت تنطبق علينا تماما كما على السوريين بل ولنا الأفضلية في حرية العمل ووظائف الدولة.
من أصل 110 آلاف نازح إلى كل مخيمات لبنان بقي 27 ألفا فقط والباقون توزعوا في البلدان الأوروبية.
يضيف اللوباني: على مدى تسع سنوات من النزوح لم نكن نسمع بلجنة أو هيئة في لبنان، إلا أنه من حوالي العام نشأت اللجنة الشبابية لفلسطينيي سوريا بقيادة المدعو (م. ح) وهو من مخيم اليرموك.
كان وضع (م. ح) مزريا حين أتى إلى لبنان إلا أن الرجل بات مرتاحا ماديا "خلافا" لوضع النازحين من سوريا. وانبثقت عن اللجنة هيئة تنسيقية تضم منسقا عن كل منطقة كلهم يتبعون إلى (م. ح).
ويتابع: سرعان ما بدأت تظهر النوايا السيئة والمبيتة للقيمين على عمل اللجنة عبر تنفيذ تعليمات مشغليهم ومموليهم الذين باتوا يضخون الأموال على التحركات المشبوهة ومنها الاعتصام ضد الأونروا والسفارة الفلسطينية في بيروت.
يوضح اللوباني أن (م. ح) كان يبعث برسائل للنازحين يطالبهم فيها بتسليم بطاقة الأونروا ومنحه تفويضا منهم باللجوء الإنساني والتنازل عن حق عودتهم إلى فلسطين، وقد صدر بيان من لجنة متابعة المهجرين الفلسطينيين من سوريا في منطقة صور يستنكر ما يقوم به (م. ح) ويدعو إخوتنا النازحين إلى عدم الانجرار وراء هذه المؤامرة تحت أي ظرف من الظروف .. سرعان ما تنبه الناس إلى خطورة ما يقوم به (م. ح) وداعموه فابتعدوا عنه وآخرون انشقوا بعدما اتضحت نواياه.
يصف اللوباني الأعمال التي يقوم بها (م. ح) والمحامي (ج. ذ) بالمتماهية مع بعضها وبدعم من أطراف عديدة تسعى لتفريغ المخيمات الفلسطينية في كل مكان.
هو مشروع مشبوه تقف وراءه أجندات خارجية ويصب في صفقة القرن، هو مخطط وليس فكرة يقول، والذين يقفون وراءه رسموا خارطة واختاروا الأشخاص الملائمين لتنفيذ تطلعاتهم.
ويلفت اللوباني إلى أن 75% من الفلسطينيين النازحين من سوريا متاحة لهم العودة إليها إلا أن ما يمنعهم هو الوضع الاقتصادي والحصار المفروض عليها، ويشدد على أن سوريا تبقى الخيار المؤقت لحين العودة إلى فلسطين.
اللوباني دعا الأونروا للقيام بواجباتها بالدرجة الأولى مثمنا دور حركة فتح بتقديم المساعدات الإنسانية والطبية لأهالي النزوح مختتما كلامه بالقول: إن حملات تشويه منظمة التحرير الفلسطينية وجميع الفصائل هو فتنة على الجميع تداركها حتى الدولة اللبنانية التي نطالبها بوقف أنشطة هذه الفئة الضالة المتمثلة بالهيئة الشبابية لفلسطينيي سوريا وإيقاف أي نشاط يدعمها.
صائب محمد قبيعة الذي نزح من سوريا في العام 2015 مع عائلته إلى لبنان يصوب على استغلال الوضع الاقتصادي للنازحين من قبل فئة بدأت مؤامرتها عبر التواصل مع الناس عبر مجوعات "الواتساب " ومطالبتهم بالهجرة وما أسماه بالممر الإنساني.
يقول: تداركت الموضوع منذ تم الطلب من النازحين الحضور أمام السفارة الكندية في جل الديب، كان المطلوب شطب الأونروا وتحويل ملف اللاجئين الفلسطينيين إلى المفوضية العليا للاجئين.
في هذه الفترة كان هناك قرار من الإدارة الأميركية التي كان يترأسها ترامب بالتخلي عن التفاوض مع السلطة الوطنية واستبدالها بإدارة ملف اللاجئين الفلسطينيين عبر التهجير إلى أميركا وكندا وأستراليا وكان ترامب يطالب علانية يومها بشطب الأونروا وقد توقفت فعلا المساعدات عنها (الأونروا) .
يقول صائب: هذه الجماعات استغلت تصريح الرئيس الاميركي السابق ترامب للمطالبة باللجوء الإنساني وكأنه شيء مدروس، وبعد اعتصام جل الديب ظهرت مجموعة المحامين التي يرأسها (ج.ذ) تطالب الفلسطينيين بتوكيلات قانونية بغرض رفع دعاوى أمام المحاكم الدولية للمطالبة باللجوء والتعويض.
خطورة الموضوع كما يؤكد صائب تكمن في أن حق العودة هو حق شخصي لا يسقط بالتقادم ولا بالتفاوض إلا إذا أسقطه صاحب العلاقة عن نفسه، هكذا المتآمرون يريدون إسقاط حق العودة بعرض الإغراءات على العدد الكبير من اللاجئين.
ويضيف صائب: مشروع الفتنة يطال أولا المخيمات الفلسطينية في لبنان وعلى الدولة اللبنانية توقيفه.
ويتابع: حين تتم الدعوة للاعتصام أمام السفارة الفلسطينية في بيروت فإن العاقل يفهم أن العنوان فيه لغط كبير لأن السفارة ليست العنوان للمطالبة بلجوء الشعب الذي تمثله.
الغاية كانت محاربة موقف القيادة وعلى رأسها الرئيس محمود عباس الذي جابه مشروع صفقة القرن بصلابة دون أي مساومة على حقوق وطنه وأرضه.
وإذ يحمل صائب الأونروا الجزء الكبير من المسؤولية في تذمر الفلسطينيين النازحين من سوريا يدعوها لتعديل بعض إجراءاتها كصرف مبالغ المساعدة بالدولار وليس العملة اللبنانية المنهارة مختتما بالقول: كيف نساوم على حق العودة الممهد بدماء الشهداء التي ارتوت أرضنا بها؟
ولا ينفي حسام الشملوني الفلسطيني الذي نزح في العام 2012 مع عائلته إلى مخيم الرشيدية حقيقة الأوضاع الصعبة التي يعانيها اللاجئون الفلسطينيون من سوريا إلا أنه يقول إن الكرامة الوطنية فوق كل شيء.
ويضيف: نحن منذ 73 سنة نعيش المعاناة ، شهداء ودماء وحرمان.. من يريد أن يسافر من تلقاء نفسه لا أحد يقف في وجهه ونحن الفلسطينيون سافرنا إلى كل بقاع الأرض منذ نكبة وطننا لكننا لم نتنازل عن هويتنا وحق عودتنا.
ويتابع: لكن أن تتم دعوتنا كلنا لإسقاط حقوقنا وهجرتنا الجماعية هذا شيء غير مسموح، وحين يطالب 100 أو 150 شخصا بذلك فإنهم بذلك يعتدون على حقوق الملايين من الشعب الفلسطيني ويحاولون إنهاء قضية هذا الشعب. أنا كشاب فلسطيني أفكر بالسفر ولكن ليس بهذه الطريقة التي تقلل من احترامي لنفسي واحترام الآخرين لي.
يقول الشملوني: هذه الصورة كانت قاسية علينا وعلى مبادئنا وأحاسيسنا الوطنية، أنا لست في بلدي ولكن لدي ممثل شرعي لنا، هناك رئيس أحترمه وسفارة احترمها فهذه سفارتي وجميل أن يحافظ الإنسان على ما هو له، فهل أحب كفلسطيني السفارة الأرجنتينية مثلا على حساب سفارة بلادي؟ بالنسبة لي لا يوجد تمييز بين فلسطيني لبناني وسوري في لبنان وكلنا لاجئون ولا ننفع بشيء من دون غيرتنا على وطننا وقضيتنا.
ويضيف: من المؤكد أن كل ما حصل يتماهى مع صفقة القرن والوقوف بوجه سياسة الرئيس أبو مازن ومواقفه ضدها ونحن لا بد أننا نحترم هذه المواقف.
حسن خليل موسى الفلسطيني الذي نزح من سوريا إلى مخيم البرج الشمالي مع عائلته عام 2011 يقول إنه في العام 2012 التقى بمجموعة من الشبان مقرهم في شاتيلا عرفوا عن أنفسهم بأنهم رابطة الفلسطينيين المهجرين من سوريا إلى لبنان وأن هدفهم يتمحور حول المطالبة باللجوء الإنساني دون إسقاط حق العودة المقدس.
وساهم حسن بجمع تفويضات من النازحين في مخيم البرج الشمالي، هذه التفويضات هي عبارة عن طلب يذكر فيه رقم بطاقة الإعاشة والاسم ورقم الهاتف والتوقيع. ويعتبر حسن أن هذا التفويض كان موجها إلى كل سفارة تستعد أن تستقبل بلادها أي فلسطيني سوري.
ويتابع: ظهر (م. ح) منذ عام ونصف العام وكان عضوا في الهيئة الشبابية لفلسطينيي لبنان التي كانت تضم أيضا كمال النجار وخالد الشلبي وشادي السعيد وهؤلاء كلهم فلسطينيون مقيمون في لبنان.
يلفت حسن إلى أن الهيئة الشبابية لفلسطينيي سوريا انشقت عن الهيئة الشبابية لفلسطينيي لبنان ويقول إن (م. ح)و (أ.ج) تحديدا هما اللذان انشقا.
حصلت خلافات مالية ومنهجية بين القيمين على الهيئة الشبابية لفلسطينيي لبنان أدت إلى خروج معظمهم فيما استلمها بعد ذلك خالد شلبي.
بعد عام تقريبا انشق (م. ح) و (أ.ج) من الهيئة الشبابية لفلسطينيي لبنان وقاما بتشكيل هيئة مختصة بنازحي سوريا. (م. ح) مدفوعا من بعض الجهات أراد أن يترأس الهيئة وقد أبعد (أ.ج) عنها بسبب الخلاف على مصادرة القرار.
تواصل (م. ح) مع رابطة الفلسطينيين المهجرين من سوريا إلى لبنان محاولا توحيد المطالب من أجل اللجوء الإنساني ولكن الرابطة رفضت ذلك.. كان يسعى إلى تنفيذ الاعتصامات أمام السفارة الكندية في حين كانت ردود السفارة الكندية واضحة بالنسبة لنا قبل ذلك بأنها غير معنية بسفر أي فلسطيني سوري إلا بتحقق شرطين وهما قرار سياسي من السلطة الفلسطينية وقرار دولي.
يضيف: هجوم (م. ح) على منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة والرئيس وسفارة فلسطين في لبنان كله يضعف الفلسطيني السوري المهجر والهدف من ذلك إحداث الشرخ بين الفلسطينيين المقيمين والمهجرين في المخيمات. وقد اتضح أن غاية (م. ح) ليست المساعدة إنما الفتنة.
يكشف حسن وحسب تسريبات من مقربين من (م. ح) أن أي نازح من سوريا لا يعيش اليوم الرفاهية التي يعيشها الأخير (م. ح) إن كان في سكنه الديلوكس أو مستوى عيشته وهو الذي كان يعاني العجز في تسديد إيجار منزله وبات يعيش خارج المخيمات والتجمعات الفلسطينية.
يقول حسن الذي كان حاول في العام 2015 السفر على إحدى رحلات قوارب الموت البحرية من منطقة الشمال اللبنانية قبل أن توقفهم السلطات اللبنانية إبان خلاف نشأ بين المهربين وقد تكبد (حسن) بخسارة مالية كبيرة: لا (ج.ذ) ولا غيره بإمكانهم تحقيق المشروع الصهيوني الآيل إلى تصفية قضيتنا وحقوقنا وعلى رأسها حق العودة مهما تعددت الوسائل.
ويختتم كلامه برسالة للفلسطينيين المقيمين والمهجرين قائلا: في الأساس نحن شعب واحد وقضية واحدة ولدينا مقدسات لا بد أن نعود لها رغما عن أنف كل المتآمرين القريبين والبعيدين ولا تنازل عن حق العودة ولا تفويض لـ (ج.ذ) وغيره، وسفارتنا هي كرامتنا ودولتنا هي فلسطين وعاصتمها القدس الشريف شاء من شاء وأبى من أبى.