الرغبوي التائه..!!
كتب رئيس تحرير صحيفة الحياة الجديدة .....
بوسع التفكير الرغائبي أو الرغبوي كما يسمى أحيانا، أن يقرر، وعلى نحو مطلق ما يريد صاحبه، وما يتمناه، حتى أنه يحيل الواقع إلى منصة لأحصنة مخيلته تدك أعتى الحصون، وتأتي كما يقال بالذئب من ذيله..!! وبالطبع التفكير الرغائبي عادة ما يرمي بصاحبة في المحصلة إلى الهاوية التي عادة ما تكون والحالة هذه، مزبلة، وليست حتى من مزابل التاريخ..!!
علة التفكير الرغائبي أنه لا يستند إلى أي شيء من العقلانية، ولا يعرف أي شيء عن الأدلة، ولا علاقة له تاليا بالواقع..!! ولعل التفكير الرغائبي مقبول إلى حد ما في تطلعات القلب الشخصية، تجاه علاقاته العاطفية، لكن هذا التفكير إذا ما تمكن من التحليل السياسي، والحديث في قضايا الشأن الوطني العام، يصبح عبارة عن ثرثرة هائمة في بحر أحلامها المريضة..!! وسيتوهم صاحب هذه الثرثرة أنه كلما عبأ ثرثرته بالشعارات الشعبوية المطلقة، تمكن من الحقيقة (..!!) التي طبعا لن يكون لها أي وجود إلا في رأسه الخالي من الواقع ومعطياته..!! على أن الرغائبية هنا عند البعض في ساحتنا الفلسطينية، ليست أصيلة، ولا هي نتاج تطلعات بريئة ونبيلة، بحكم أنها غالبا ما تكون مدفوعة الأجر، وما يفضح ذلك أن ثرثرتها تنطوي عادة على طلبات التمويل الحرام..!! من ذلك مثلا التحريض المحموم على حركة "فتح" وإلى حد الدعوة إلى قتلها، وهذه دعوة لارتكاب جريمة لا تشبه غير جريمة قتل الأب..!! وجريمة قتل الأب هي محاولة لقتل التاريخ وهذه محاولة بقدر عبثيتها، بقدر ما هي حمقاء، لا يسوغها سوى التفكير الرغبوي المريض..!! من يقول اليوم إن دور فتح قد انتهى (وهذه محض أمنية لصاحبها) من يقول ذلك لا يحرض سوى على قتلها، وفي المحصلة قتل المشروع الوطني التحرري، وهو يعلي بثرثرات شعبوية شأن الانتخابات التشريعية، على حساب هذا المشروع، وعلى حساب القدس العاصمة إذ يريد الانتخابات دونها..!!
الانتخابات ليست استحقاقا ديمقراطيا فقط، وإنما هي كذلك استحقاق وطني وسياسي، وبقدر ما ينبغي أن تخدم المشروع الاجتماعي وسبل تعزيز الحكم الرشيد، بقدرما ينبغي أن تخدم المشروع الوطني التحرري، فمازال الاحتلال جاثما فوق أرضنا، بحضوره العنيف، بل ما زال كابوسا يواجه حتى أحلامنا بالرصاص، كما في واقعه العسكري، ويومياته التعسفية..!!
مقعد المجلس التشريعي إن لم يكن مقعدا لتعظيم مسيرة الحرية الفلسطينية، فلا معنى له، ولا ضرورة، وبالمناسبة الشعب الفلسطيني ليس هنا في الضفة والقدس والقطاع، وأراضي الثمانية وأريعين فقط..!! ما زالت المخيمات هناك في بلاد الشتات، ومازال آلاف الفلسطينيين في بلاد المنافي، وهذا يعني أن انتخابات المجلس التشريعي، ليست نهاية المطاف، وتمثيل الشعب الفلسطيني يكتمل في المجلس الوطني فحسب، وعند هذه الحقيقة ولكل من يحاول تجاهلها نقول: لا يصح في المحصلة غير الصحيح.. ويا جبل ما يهرزك ريح.
ha