رفيف أبو داير ترسم موتها
زكريا المدهون
رسمت رفيف أبو داير (11 عاماً) على ورقة بيضاء عمارة سكنية قصفها الاحتلال الاسرائيلي تقع بجوار منزلهم من الجهة الغربية، لكنها لم تعلم أن نهايتها ستكون بعد قصفها على أرض الواقع.
رفيف التي تقطن مدينة غزة، استشهدت ثالث ايام عيد الفطر برفقة عمها زياد، خلال تناول أسرتهم المكونة من 13 شخصاً طعام الغداء، دون أن تتمكن من اكمال رسمتها.
واستشهد خلال العدوان الاسرائيلي الذي استمر 11 يوماً 66 طفلاً و39 سيدة و17 مسناً.
تساءل خالد أبو داير عم رفيف لـ "وفا"، بأي ذنب تقتل الطفلة البريئة؟!، مضيفاً أن رهف كانت تهوى الرسم، وكان آخر رسوماتها عمارة الشوا التي تبعد عن منزلهم حوالي 50 متراً والتي قصفها الاحتلال بطائراته ما أدى الى استشهادها على الفور.
كانت رفيف طوال شهر رمضان وقبل الإفطار بقليل تخرج الى مفترق شارع الوحدة المجاور لمنزلهم توزع التمر على السائقين والمارة الصائمين.
المار في منطقة الرمال وتحديدا في شارع الوحدة وسط مدينة غزة، يظن أن زلزالاً كبيراً قد وقع من هول وحجم الدمار الذي يمكن مشاهدته والذي طال عمارات سكنية وشبكات الطرق والبنى التحتية.
حفرة عميقة تخرج منها مياه الصرف الصحي، بجوارها محلات وشقق سكنية مدمرة، والى الأمام تجد تلالاً من الركام والقطع الخرسانية كانت بنايات سكنية لعائلتي القولق وأبو العوف.
فقدت عائلة أبو العوف 22 شخصا غالبيتهم من الأطفال والنساء، من بينهم شيماء الطالبة في قسم طب الأسنان في جامعة الأزهر بغزة وكان مقرر زواجها بعد العيد.
محمد أبو داير (15 عماً) ابن الشهيد خالد أبو داير ووحيد والديه نجا من الموت بأعجوبة برفقة والدته وأبناء عمه مرشد، لكنه أصيب بكتفه وساقه.
"أثناء جلوسنا مع أسرة عمي لتناول طعام الغذاء في ساحة المنزل وقع انفجار كبير بجوارنا وغطى الغبار والدخان الأسود ورائحة البارود المكان، وبعد انقشاعها ظننت أنني الناجي الوحيد، فوجدت والدي الذي كان يبعد عني مسافة مترين غارقا بدمائه بعدما أصابته شظية برأسه من الجهة الخلفية" يقول محمد.
كما استشهدت رفيف أبنت عمي ونجا 13 فرداً من الموت بأعجوبة.
وتابع محمد وهو يحبس دموعه، "سأحقق حلم أبي بدراسة الطب، وسأقهر من قتله لأن حلمه كان أن أصبح طبيباً"، لافتاً الى أن والده كان تاجرا ًحرمته الظروف من دراسة الطب.
اعتقدت أسرة زياد أن هروبهم الى منزل شقيقه مرشد سيكون أكثر أمناً لهم، لأن بجواره تقع مؤسسات دولية مثل مكتب اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ووكالة المساعدات الأمريكية، ومركز شهداء الرمال، ومدرسة ثانوية.
"بعد يومين من مجزرة عائلة أبو العوف هربت أسرة أخي زياد الى منزل أخي مرشد، وخلال تناولهم وجبة "المجدرة" قصفت طائرات الاحتلال العمارة المجاورة فاستشهد زياد ورفيف بنت مرشد على الفور، ونجا باقي الأفراد من الموت بأعجوبة" يقول خالد أبو داير لـ "وفا".
ويتابع خالد" كان زياد يجلس على كنبة يقرأ القرآن فناداه مرشد لتناول الطعام، فرد عليه أصبر شويه لما أخلص القراءة، لكن شظايا الصواريخ حرمته من ذلك"، مشيرا الى أن عناية الله حالت دون وقوع مذبحة.