فيصل الحسيني .. الحاضر أبدا
كتب رئيس تحرير صحيفة الحياة الجديدة
"اشتر زمنا في القدس" مشروع طاف به أمير القدس فيصل الحسيني على أشقائه العرب، ليفتح مزيدا من طاقات الأمل للمدينة المقدسة كي تحظى بزمن الحرية والاستقلال، ومن خلال تعزيز صمود أهلها حماة المقدسات الإسلامية والمسيحية .
في باحة الأقصى، وفي درب الآلام، وعند باب العامود، وفي الشيخ جراح، وفي سلوان، وفي كل شوارع، وحارات، وباحات المدينة المقدسة، من يشتري اليوم زمنا في القدس،هم أهلها بدمائهم وصمودهم وتضحياتهم الكبيرة، وبما يعني أيضا أن دعوة الأمير مازالت قائمة لأشقائه العرب، ولكل محبي الحرية، والعدل، والسلام أينما كانوا.
عشرون عاما مضت على رحيله المر وما زال القلب دامعا، لكن مازالت الذاكرة الفلسطينية، تتنور بسيرته النضالية، زعيما وطنيا، وقائدا فتحاويا، وإنسانا محبا للناس والحياة، وداعيا للتسامح الحر، تحت رايات دولة فلسطين المستقلة ترفرف على أسوار عاصمتها القدس، وفوق مآذنها، وأبراج كنائسها .
وبقدر ما كانت فلسطينيته بالغة الفصاحة الوطنية، بقدر ما كانت قوميته أصيلة، وهو الذي ولد في بغداد، ومر طفلا على العربية السعودية، ودرس في القاهرة وحلب .
ولعلها رسالة قدرية، أن يولد في بغداد، ويشرب من ماء دجلة، ويأكل من تمر السعودية، ويدرس في القاهرة ، وحلب الشهباء، كان لابد لفيصل الحسيني أن يبدأ طريق الإمارة المقدسية، من هذه الحواضر التاريخية للأمة العربية، بغداد المحمولة على تاريخ الخلافة فظلت توصف بأنها عاصمة الرشيد والعربية السعودية حيث مهبط الوحي، واندلاع نور الإسلام على البشرية كلها، وحيث القاهرة، قاهرة المعز، وصوت القومية العربية، وحيث حلب الإمارة الحمدانية وسيف الدولة الذي أنشده المتنبي على قدر أهل العزم تأتي العزائم .
هي السلالة التي رعت فيصل الحسيني، والأصالة الوطنية، والفروسية النضالية التي جعلت منه أميرا للقدس بلا منازع . في ذكرى رحيله اليوم أبناء القدس يقولون لأميرهم ها نحن للعهد حافظون، وعلى الوعد باقون صامدون، صامدون، صامدون، من أجل تحقيق زمن الحرية للقدس، ولأنه ما زال فينا زعيمنا أبو مازن، الذي تصدى لوعد ترامب المشؤوم، وقال وما زال يقول القدس درة التاج الفلسطيني والقدس ليست للبيع ولا بديل عنها عاصمة لدولة فلسطين الحرة المستقلة .