حضرت "تحرير" وغاب السند
رام الله-الحياة الجديدة-عزيزة ظاهر
بعد اشهر قليلة ستنطق تحرير بكلمة "بابا"، ستخطو خطواتها الأولى بالحياة باحثة عنه في أرجاء المنزل، ستناجي صوره المعلقة على الجدران، وستقلب صوره المخزنة على ذاكرة الهاتف الخلوي، ومع كل خطوة وكلمة ستذرف أمها دموع الألم على فراق حبيب القلب ورفيق الدرب.
قريبا ستكبر تحرير وستوجه لوالدتها سؤالا سيتكرر كثيرا، "أين بابا"، لتجيب الأم بابا في الجنة، إلا أن الطفلة لن تدرك معنى الجنة، ومعنى أن يتركها أبيها طويلا ويذهب للجنة دونما عودة.
تحرير هي طفلة الشهيد االنقيب في جهاز الاستخبارات العسكرية تيسير محمود عيسة (33 عاما) من بلدة صانور قضاء جنين، أبصرت النور بعد استشهاد والدها بأسبوع واحد، وقد انتظر قدومها بفارغ الصبر، إلا أن القدر لم يمنحه الوقت الكافي ليرى طفلته، ويؤذن في أذنها، ويعانقها، ويمنحها الحب والفرح والسعادة، لكنه منحها لقب "ابنة الشهيد" ليكون وسام فخر وشموخ يرافقها طوال حياتها.
استشهد الأب فجر الخميس الـ11 من شهر حزيران/ يونيو الجاري، بعد أن استقرت رصاصات غادرة في جسد الشهيد، خلال تصديه لاقتحام قوة إسرائيلية لمدينة جنين، وتأدية واجبه الوطني، ارتقت روحه الطاهرة إلى السماءِ، برفقة روح زميله الملازم ادهم عليوي، والمحرر جميل العموري.
شهر حزيران لم يكن شهرا عاديا في حياة العائلة، انه شهر الفراق واللقاء، فراق الغالي ولقاء بنت الغالي، تقول الوالدة المكلومة ل"الحياة الجديدة" وتتابع تيسير مازال عريسا تزوج قبل اقل من عام، وكان على موعد مع الفرح بقدوم ابنته تحرير، فقد قرر أن يسميها تحرير، دعما للقضية الفلسطينية، وأملا بالتحرير، وتخليدا لذكرى شقيقته تحرير التي توفيت قبل أعوام اثر مرض عضال الم بها، وتتابع تحرير عيوني إلي بشوف فيها والهواء إلي بتنفسه، من ريحة الغالي".
فداء زوجة الشهيد، تدعو الله ليل نهار أن يمنحها الصبر والقوة لتكمل مشوار زوجها الذي انتهى قبل أن يبدأ مع طفلتهما تحرير، ولتعوضها حنان الأب، لم تقو فداء على الحديث، واكتفت بالقول الحمد لله الذي أكرمني بلقب"زوجة الشهيد"، وسأكون قوية لأجل تحرير ومستقبلها الذي رسمه لها والدها.