بيتا..خطاب الجبل
كتب رئيس تحرير صحيفة الحياة الجديدة..
هناك على جبل صبيح، تقف فلسطين بكامل عدتها الوطنية، وبعلمها يخفق متحديا غول الاستيطان الاسرائيلي، ويخفق وقد رفعته سواعد الرجال والنساء شيبا وشبابا من أهالي بيتا وأشقائهم من القرى المجاورة يخفق كدلالة على صواب المقاومة الشعبية، وكبوصلة لا تخطئ جهتها الاستراتيجية، حيث الاحتلال لمنازلته بهذه المقاومة، لدحره وتحقيق انتصار المشروع الوطني، مشروع الحرية والاستقلال، ومثل ذلك تماما في الشيخ جراح وسلوان، وفي كل مناطق الاشتباك مع الاحتلال، لأن فلسطين بروحها ومشروعها التحرري، وقيمها الوطنية، والنضالية، في كل مكان من ارضها المحتلة.
هناك على هذا الجبل، بوتقة وطنية صهرت الفئوية، والعصبوية الحزبية، وأنتجت سبيكة صلبة للنضال الوطني، لا يحمل غير علم فلسطين، ولا يهتف لسواه حتى يخفق فوق اسوار القدس، ومآذن جوامعها، وأبراج كنائسها.
وهناك على جبل صبيح، واقع فلسطيني فريد من نوعه، واقع يعلي راية الامل والصمود، والتحدي، فافترش الناس، ناسنا، ارض الجبل، يأكلون ويشربون، ويواصلون الهتاف، والتلويح بعلم فلسطين لا يهابون جيش الاحتلال ولا مستوطنيه، هؤلاء المدججين بأعتى أسلحة القتل والخراب..!!
وهناك على جبل المقاومة، صار لبيتا حكاية تنويرية مشرقة، لا بد ان تدخل بعد قليل في المنهاج التربوي الفلسطيني، كي تدرس كأمثولة للعطاء، والصمود والمقاومة، والتعاضد، والتراحم، والوحدة الوطنية الحقة، حكاية تنتشر كعطر الحرية، حتى وصل ابناء شعبنا من الاسرى البواسل، في سجون الاحتلال، فلم تمنعهم جدران الزنازين من المساهمة في كتابة فصل إبداعي في هذه الحكاية، حيث قاموا بتقديم وجبات الطعام لحراس الجبل، على حسابهم الشخصي.
من خلف جدران الزنازين. بهذا الموقف من أسرانا البواسل، انطلق هتاف من نوع جديد، هتاف التآلف النضالي، وحيث معتقلات نظام الابارتهايد العنصري الاسرائيلي وبفعل صمود الاسرى وتحدياتهم، ليست إلا مواقع اشتباك آخر مع هذا النظام وهذا الاحتلال.
ومن فوق الجبل وحيث يهزم حوار المقاومة الشعبية أباطيل الاستيطان كما هزم السيد المسيح عليه السلام اباطيل الشيطان من فوق جبل التجربة في اريحا، من فوق جبل صبيح، وقد بات لتجربة فلسطينية جديدة، تعلو راية فلسطين، ويعلو خطابها سليمًا محصنًا ضد كل سوء خلافي، تحاوله النفوس المريضة المأخوذة بوهم الاجندات الخارجية واللاهثة خلف دراهمها الحرام.
يعلو خطاب فلسطين من فوق جبل صبيح، وبكامل عافيته الوطنية، وبكامل تعاضده الاجتماعي حتى صارت حبة الفلافل مجانية، فوق الجبل يطبخها رجل من أهل العافية، ويقدمها هنيئة مريئة لحراس الجبل.