دائما أول الغيث قطر
كتب: رئيس تحرير صحيفة "الحياة الجديدة"
في موقف هو الأول من نوعه بالنسبة لطائفة دينية مسيحية أميركية، صنفت كنيسة "المسيح المتحدة" في الولايات المتحدة، إسرائيل كدولة فصل عنصري، وأعلن المجمع الكنسي في "يونيون كاربايد" أنه يرفض نظام الفصل العنصري الإسرائيلي، وفي الوقت ذاته أدان القمع الإسرائيلي للفلسطينيين، داعيا حكومة الولايات المتحدة، لدعم حقوق الشعب الفلسطيني، ولوقف المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل.
لهذا الموقف، وبهذا التصنيف الصريح، دلالات بالغة الأهمية، لعل أبرزها أن إسرائيل لم تعد هي الممثل الشرعي للسامية، لا بل إن السامية برؤية كنيسة المسيح المتحدة، هي هوية المؤمنين بالحق والعدل والسلام وأنها الهوية التي لا تقبل بالظلم، وترفض الفصل العنصري رفضا حاسما، وهذه هي في الواقع الهوية الحقيقية للسامية التي باتت إسرائيل بالفصل العنصري تمتهنها إلى أبعد ...!!!
لكنيسة المسيح المتحدة ما يقارب المليونين من الأعضاء المبلغين، من بينهم عدد لافت من الشخصيات السياسية والبرلمانية والثقافية، لعل أبرزهم الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما.
وليست مجرد عبارة بلاغية القول إن أول الغيث قطر ثم ينهمر، ففي برنامج النضال الوطني الفلسطيني في حراكه السياسي، والدبلوماسي، والمعرفي، هذا ما نعتمد عليه، ونحن أدرى لاعتبارات يعرفها الجميع، أن دحر الاحتلال الإسرائيلي عن أرض بلادنا، لن يتم بالضربة القاضية، وإنما بالضربات الفنية المتتالية.
والطبع لم يكن لكنيسة المسيح المتحدة أن تأخذ هذا الموقف النبيل، وتجاهر بهذا التصريح الشجاع الذي يندد بالقمع الإسرائيلي، وبنظام الفصل العنصري لدولته، لو لم يكن الخطاب الوطني الفلسطيني، في واقعه النضالي، بليغا في كلماته، وصادقا في طروحاته، وباسلا في صمود، وصلابة قيادته الشرعية، ومضمخا بدماء الشهداء البررة، والجرحى البواسل من أبناء شعبه، ومحصنا بوعد الحرية للأسرى الأبطال في سجون دولة الفصل العنصري، دولة إسرائيل.
نقول لو لم يكن خطابنا الوطني في واقعه النضالي على هذه الحال، ما كان بالإمكان أن نرى اليوم تكاثف القطر هذا في غيوم الضمير الإنساني، والتي لا شك أنها ستنهمر بالغيث الذي سينبت زهرة الحرية والسلام، في أرض الحرية والسلام، أرض دولة فلسطين .
يبقى أن نقول، على الكل الوطني أن ينتبه لهذه الحقيقة، فلعل بعضه يكف عن مناكفاته الحزبية، ولعل المخدوعين بالشعارات الشعبوية، يدركون ما تفعل فلسطين في دروب الحرية التي تمضي فيها، لينضموا إلى هذه الدروب، بدل الثرثرات التنظيرية، والبلاغات الثورجية، وتلك الأخرى الليبرالية المستوردة، التي لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا تؤمن من خوف.
لا ينبغي أن نضيع مزيدا من الوقت في المناكفات أيا كانت غايتها، وأيا كان نوعها، ولا ينبغي لأحد أن يحرف بوصلة النضال الوطني، نحو التصفيق لشعارات مستوردة، وقضايا ملفقة.
ليس لنا سوى الوحدة، لكي ننجو شعبا وقضية وحقوقا وتطلعات، فهل ندرك ذلك اليوم قبل الغد ..؟؟