الانتصار السري..!!
كتب: رئيس تحرير صحيفة "الحياة الجديدة"
من طهران يعلن أمين عام حركة الجهاد الإسلامي أن المصالحة الوطنية الفلسطينية مستحيلة (...!!) وأن حركته ضد البرنامج السياسي لمنظمة التحرير الذي يقوم على التسوية..!! وفي طهران يقدم إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، وبكل فخر (...!!) أوراق اعتماده لرئيس إيران الجديد، وهو يهديه دماء الضحايا، والشهداء من أبناء شعبنا، الذين سقطوا في العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، تحت مسمّى (انتصار معركة سيف القدس..!!) الانتصار الذي لا وجود له في الواقع إلا بكونه كلمة في خطاب، والمقدسيون في الشيخ جراح، وسلوان يشهدون على ذلك، وهم مازالوا يقاومون الاحتلال، وهجمته الاستيطانية.
وبالطبع كمثل هنية قدم زياد النخالة أوراق اعتماده لوليّه في طهران، وهو يكشف بتصريحه هذا ما يريده هذا الولي من مواقف ضد المصالحة الوطنية من جهة، وضد منظمة التحرير الفلسطينية من جهة أخرى..!!
كيف تصبح المصالحة مع الشقيق مستحيلة..؟؟ بأية معايير ومفاهيم أخلاقية- قبل ان تكون وطنية- يمكن أن تكون كذلك، مستحيلة، وبمثل هذا الإطلاق الذي لا يمكن تفسيره أو قبوله منطقيّا..؟؟ قد نفهم أن الجهاد الإسلامي ضد البرنامج السياسي لمنظمة التحرير، هذا حقها، إن كان هذا الموقف يصدر عنها حقا، ولكن ما يصعب فهمه ألّا ترى حركة الجهاد الإسلامي سبيلا للمصالحة الوطنية، وأن تعلن هذا التصريح من طهران، بما يعني ذلك، من امتثال واضح، لأوامر طهران، وقرارها بهذا الشأن...!! وأيضا، أليس من المنطق هنا، أن يكون لدى هذه الحركة المعارضة للبرنامج السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، برنامج للمقاومةٍ على أرض الواقع، يقنعنا أنها فعلا على درب التحرير الشامل، ومن أين لبرنامج من هذا النوع أن يكون قادرا على تحقيق الانتصار الإستراتيجي دون وحدة وطنية..!!
تدل وقائع الهدنات المتتالية مع الاحتلال الإسرائيلي، أنه ليس لدى حركة الجهاد الإسلامي برنامج من هذا النوع، وقد باتت تحت جناح حركة حماس، صاحبة البرنامج السياسي الإخواني، الذي لا علاقة له لا بالمقاومة، ولا بالتحرير، وإنما بمشروع الإمارة الغزية، الذي ما زال يتوسل أميالا أكثر للصيد في مياه بحر غزة..!!
نعود لهنية والانتصار الذي يتحدث به، ويقدمه هدية أينما حل، وحلت مصالح الجماعة الإخوانية، فعلى ما يبدو أنه انتصار سري..!! فلا شيء في واقع الحال يدل عليه، وما من نتائج على الأرض تشير إليه..!! ومعركة القدس ما زالت متواصلة، فقد عاد الاحتلال لإجراءاته التعسفية العنيفة ضد المدينة المقدسة، ولكن لم تعد مقاومة أبو عبيدة الذي قال: "إن عدتم عدنا"..!!! والواقع أن حماس قد عادت، ولكن لخطبها الشعبوية، ولمحاولات الاستثمار بدم الشهداء والضحايا، في العواصم التي لا تريد لمنظمة التحرير الفلسطينية وجودا ولا لمشروعها الوطني التحرري انتصارا...!! ومع ذلك، لن نقول كما قال النخالة "المصالحة مستحيلة" بل هي قدر فلسطين من أجل انتصارها، وفقط حين تقود الى وحدة وطنية فاعلة، وحقيقية، وستكون المصالحة حين لا تكون تلك العواصم من يقرر مصيرها، وسيفرضها أبناء شعبنا خاصة المكلومين منهم في قطاع غزة المكلوم.