ليست كأية قمة ..
كتب رئيس تحرير صحيفة الحياة الجديدة..
ليس جديدا على الشقيقة مصر ولا على الشقيقة المملكة الأردنية الهاشمية مواقف الدعم والمساندة للقضية الفلسطينية، وسبل حلها العادل، بما يؤمن لشعبها كامل حقوقه المشروعة، وغير المنقوصة، وفي حراك سياسي على مختلف المستويات، لا بل وليس جديدا على القيادتين الأردنية والمصرية، العمل المشترك مع القيادة الفلسطينية، من أجل تحقيق الحل العادل، وفق قرارات الشرعية الدولية، وفي إطار التفاوض النزيه، ومع ذلك فإن قمة القاهرة الثلاثية وهي تؤكد ما هو ثابت في مواقف مصر والأردن تجاه القضية الفلسطينية، ومركزيتها التي لا سبيل لتجاوزها، فإنها تدشن مرحلة جديدة من العمل المشترك، الذي تصوغ حراكه السياسي، الرؤية الموحدة، للعواصم الثلاث الفلسطينية والمصرية والأردنية بشأن ضرورة توحيد الموقف العربي في خطابه السياسي الخاص بالقضية الفلسطينية في الساحة الدولية بأقطابها المؤثرة كافة .
ولتوقيت قمة القاهرة الثلاثية أهمية بالغة، فهي تأتي قبيل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، والقمة العربية المقبلة في الجزائر الشقيقة، لتكون الخطابات العربية من على منبري الجمعية العامة، والقمة العربية، خطابات تؤكد مركزية القضية الفلسطينية على نحو ما يدحض من محاولات وسياسات جرت في زمن ترامب تحديدا لتهميشها في الوقت نفسه ينبغي التشديد السياسي لا البلاغي فقط، على سبل الحل العادل للقضية الفلسطينة، في إطار حل الدولتين من خلال التفاوض على قاعدة قرارات الشرعية الدولية، ولعل ثمة من سيقول هنا إن إسرائيل بإدارتها اليمينية الراهنة غير معنية بكل هذا الكلام، وإنها لن تلتفت إلى أي موقف يتحدث بهذا الحل، ولن تأتي إلى المفاوضات، لأنها أساسا غير معنية بالسلام العادل، وإن الإدارة الأميركية الحالية، لن تتجاوز في المحصلة هذا الموقف الإسرائيلي ...!! والواقع إن إسرائيل اليمين المتطرف لن تكون راغبة أبدا بأي تحريك لعملية السلام، ولا شك أنها تتوهم أن تصلبها المتطرف في هذا الإطار، سيدحض أية محاولة للتحريك، والعودة إلى التفاوض...!!! والحقيقة واذا تعلق الأمر بالرغبات فأن لهذه عادة اوهامها، كما للتصلب المتطرف أوهامه أيضا، لكن التاريخ لا يمضي، لا وفق الرغبات، ولا وفق التصلب المتطرف، وبقدر ما سيكون الموقف العربي الذي صاغته القمة الثلاثية في القاهرة قويا وحاسما، وبفعاليات سياسية متتالية، بقدر ما سيكون قادرا على دحض الرغبات وأوهامها معا، والأمر يتعلق بالزمن، وفي سياق لا يعرف التراجع، ولا المساومة، وملف القضية الفلسطينية بات يتعلق بالأمن، أكثر من أي شيء آخر، وبمعنى أن أمن الشرق الأوسط تحديدا، لن يتحقق ولا بأي حال من الأحوال، ما لم تحل القضية الفلسطينية حلا عادلا، يحقق للشعب الفلسطيني كامل أهدافه وتطلعاته العادلة والمشروعة، في إقامة دولته المستقلة، بعاصمتها القدس الشرقية، وبإنجاز الحل العادل لقضية اللاجئين، وفق قرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية .
يبقى أن نشير إلى حقيقة غاية في الأهمية أن قمة القاهرة الثلاثية، قد أكدت على نحو الرسالة البلاغية، أن أي تجاوز للشرعية الفلسطينية الدستورية، والنضالية الوطنية، في إطارها، منظمة التحرير الفلسطينية، مآله الفشل، مثلما ظلت كذلك كل المحاولات التي جرت تحديدا في السنوات الأخيرة، والتي انطلقت في دروب التطبيع، ومن وهم "العربي الجديد" ..!! فلسطين عاصمة مركزية بشرعيتها، مثلما هي عمان والقاهرة .