"لا غرفة التوقيف باقية، ولا زرد السلاسل"
كتب رئيس تحرير صحيفة الحياة الجديدة.....
ستة أيام كانت خلالها أيادي الفلسطينيين جميعهم، على قلوبهم، أن يتمكن الأسرى الأبطال الستة الذين حفروا نفق الحرية في سجن جلبوع الاحتلالي، من الاختفاء المطلق عن أعين قوات الأحتلال الاسرائيلي ، حتى لا تجدهم في أي مكان. كان الدعاء شاملا وحارا أن يتمكنوا من هذا الاختفاء، لكن مع غصة في التحليل المنطقي، أن احتمال أن يجدهم الاحتلال يظل واردا، خاصة وأن دولة الاحتلال استنفرت كل طاقاتها، وطواقمها الأمنية، وخرجت بقضها، وقضيضها، للبحث عنهم، ودون أن تدري أن أمثولة نفق الحرية قد سجلها التاريخ، وانتهى الأمر، وقد سجلها دلالة على قوة العزيمة الفلسطينية وحقيقتها، وأن إعادة اعتقال الأسرى الستة، لن تمحو هذه الأمثولة العظيمة، والتي سيرويها الفلسطينيون جيلا بعد جيل . ولأن دولة الاحتلال لا تريد لهذه الأمثولة أن تكون حكاية عز وفخر فلسطينية راحت ترمي بروايات مفبركة، عن السبل التي قادتها إلى إعادة اعتقال أربعة منهم حتى الآن ...!! روايات تسعى للطعن في النزاهة الوطنية للفلسطينيين خلف الخط الأخضر، وخاصة في مدينة الناصرة العربية التي استنكر أهلها هذه الروايات واستنكروا تصديق البعض لها وانجرارهم خلفها (...!!) وسبق ذلك وقبل أن تتمكن من إعادة اعتقال الأسرى الأربعة، كانت قد رمت أخبارا مفبركة بهذا الشأن عن السلطة الوطنية، صدقتها حركة حماس، وصحيفة "الأخبار" اللبنانية، وانجرا، خلفها ...!!!. أن تتمكن دولة الاحتلال الإسرائيلي من إعادة اعتقال هؤلاء الأسرى البواسل، ليس عملا استثنائيا، ولا يمكن أن يعد مفخرة، ولا بأي صورة من الصور، مثلما لن يرمم هذا العمل البنى المعنوية للسجان الإسرائيلي التي انهارت في مسارات نفق الحرية الفلسطيني، كما أن إعادة اعتقالهم لا تعني أن الحركة الأسيرة ستوقف تحدياتها وسعيها نحو الحرية بكل تجلياتها،ومعانيها وحقيقتها الواقعية، في دولة فلسطين من رفح حتى جنين، بعاصمتها القدس الشرقية، وبالحل العادل لقضية اللاجئين . ومرة أخرى لقد سجل الأبطال الستة الأمثولة في تاريخ النضال الإنساني في سبيل الحرية ، لا في التاريخ النضالي الفلسطيني فحسب، وقضي الأمر، وعلى هذا النحو وطبقا لهذه الأمثولة، سيواصل الأسرى البواسل نضالهم من أجل الحرية، وقيد السجن والسجان سينكسر حتما، مع هذه الإرادة الصلبة، وهذه العزيمة التي لا تلين، والتي تحقق المعجزات على نحو أسطوري تماما، وهذه هي الحقيقة الفلسطينية، وقد قال شاعرنا الكبير الراحل محمود درويش ذات معتقل: "يا دامي العينين والكفين/ إن الليل زائل/ لا غرفة التوقيف باقية/ ولا زرد السلاسل/ نيرون مات/ ولم تمت روما/ بعينيها تقاتل، وحبوب سنبلة تجف/ ستملأ الوادي سنابل". وكملاحظة واجبة، لقد رأينا القائد زكريا الزبيدي، رئيس لجنة الأسرى والجرحى في المجلس الثوري لحركة "فتح" بعد إعادة اعتقاله، رأيناه، رأينا صورته وهو دامي العينين والكفين، كما قاله درويش، فهل رأت حماس، وصحيفة "الأخبار" صحيفة الفبركات المشبوهة هذه الصورة ..؟؟