نيرون مات ولم تمت روما
كتب رئيس تحرير صحيفة الحياة الجديدة
لغطرسة القوة عادة أوهامها، وللعنصرية بالمطلق حماقاتها، ولطالما كانت هذه الغطرسة بأوهامها، وهذه العنصرية بحماقاتها تحاول أن تغلق التاريخ على مسارها وأن تنهيه في هذا المسار، الذي يدور حول قيمها ومفاهيمها وغاياتها فحسب، وبمعنى آخر أن تلغي مسار التاريخ نحو حتمياته...!!
وبالطبع ظل ذلك، وسيظل مستحيلا مثلما أخبرنا، ويخبرنا التاريخ بحد ذاته، وبمساره الذي لا يعرف التوقف ولا الدوران في الحلقات المغلقة، التي تشكلها حماقات العنصرية، وأوهام غطرسة القوة، والتي من أوضح تجلياتها اليوم، تصريحات رئيس الحكومة الإسرائيلية "بينيت" وهو يحكم على مسار التاريخ بالإعدام، حين يقول إنه لا يمكن أن تقوم دولة فلسطينية، لأنها وفق تصنيفاته العنصرية، ستكون دولة إرهابية (...!!) ولأنه وكما يقول علم النفس، من كان به عطل أخلاقي، فإنه يحاول دائما أن يلقيه على خصومه، ولطالما كان وما زال هناك، طغاة يحاضرون في النزاهة، والاستقامة والعدل، والأمانة، وثمة قتلة يزعمون البراءة....!!!
سنحيل بينيت إلى الموسوعة البريطانية على الإنترنت، التي تعرف الإرهاب على أنه "الاستخدام المنظم للعنف، لخلق مناخ عام من الخوف في عدد من السكان، ومن ثم تحقيق هدف سياسي معين". وهل ثمة استخدام منظم للعنف أوضح من استخدام إسرائيل له، في محاولتها لتحقيق لا هدفها السياسي فقط، وإنما غايتها العقائدية العنصرية كذلك، من خلال تأبيد احتلالها لأرض دولة فلسطين، وتشريد ونفي شعبها، بقوة القمع، والاضطهاد، والاعتقال، والقتل على الحواجز العسكرية، والاقتحامات العنيفة، وهدم البيوت، وقصف الأبنية، والأبراج السكنية بالطائرات الحربية، وغيرها من سياسات الإرهاب المنظم، وتشريعاتها التعسفية غير القانونية ولا بأي حال من الأحوال...!!
الاحتلال بحد ذاته، إرهاب بأقبح، وأعنف أشكاله وأحواله، أما النضال في سبيل الحق والعدل والحرية والسلام فسيظل نضالا ضد الإرهاب أساسا، ومن أجل هزيمته لصالح قيم الإنسانية، وأخلاقياتها، وغاياتها النبيلة، ولا يسير التاريخ إلا مع هذا النضال، ولا يتقدم نحو حتمياته إلا بواسطته، وهذا هو نضال شعبنا الفلسطيني الذي سيقيم دولته الحرة المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية، وبتحقيق الحل العادل لقضية اللاجئين من أبنائه، شاء ذلك "بينيت" أو لم يشأ، ونحن أدرى أن التاريخ لا يسير وفق مشيئة العنصرية، وحماقاتها، ولا وفق مشيئة غطرسة القوة، وأوهامها، وكما قال شاعرنا ذات يوم، نيرون مات، ولم تمت روما.