نقبل النصيحة.. ولكن..!!
كتب: رئيس تحرير صحيفة "الحياة الجديدة"
كلما نقرأ أخبار لبنان الموجعة، وهو العزيز على قلوبنا، تنتابنا الحسرات، ويعتصرنا ألم يعصف بالروح، وخاصة منذ تفاقم أزمات العيش الكريم هناك إثر انفجار مرفأ بيروت، الانفجار الهيروشيمي، الذي ما زال غامض الدوافع والجهات والغايات، ولعل مثله سيكون حريق مصافي الزهراني..!! وبرغم إيماننا بأننا أبناء أمة واحدة ومصير واحد إلا أننا لا نسمح لأنفسنا أن نتدخل في شؤون لبنان الداخلية طبقا لمبدأ لا نحيد عنه في منهجنا، وسياستنا العامة، تجاه علاقاتنا الشقيقة والصديقة معا. وصحيح أن يدنا في النار، كما يد لبنان، فلكل منا ناره التي يواجه، النار التي تشعلها قوى الضغينة، والعنصرية، والطائفية، والاحتلال، والتي تسعى لحرق أخضرنا، قبل يابسنا، صحيح أن هذا هو حالنا وهذا هو وضعنا، لكننا لن نمارس الأستذة على أحد، ونعلم علم اليقين، أننا بهذا نعبر عن وعي المقاومة في نزاهته وواقعيته، وصوابه، ونبله، وثقافته التي لا تعرف لغة الأستذة، ولا تقربها ولا بأي كلمة من الكلمات.
وبقدر ما نرفض أن نمارس دور الأستذة على أحد، فإننا لا نقبل لأحد أن يمارس علينا هذا الدور، اللهم إلا إذا كانت جيوشه على مشارف القدس لتحريرها....!! لكن ما من جيوش لأحد على مشارف المدينة المقدسة، وخاصة لا جيش لهذا الذي يحاول اليوم أن يملي علينا كيفية إدارة شؤوننا الداخلية، بل ويتدخل فيها، وليس إلا لغاية واحدة، التحريض على السلطة الوطنية، وكأنها واحدة من تلك الأطراف التي تشعل نار الأزمات الموجعة في لبنان...!!
مسألة المرحوم نزار بنات، والتي باتت في عهدة القضاء العسكري، مسألة من صميم الشأن الداخلي الفلسطيني لحلها حلا عادلا، ولا جدال في ذلك، ولن نقبل بغير ذلك، لكن أمين عام حزب الله في لبنان، تذكرها بعد كل هذه المدة التي انقضت عليها، وعلى نحو مفاجئ، ليتحدث بها، وعلى نحو إشعال جذوتها من جديد، وتفعيل المزيد من التحريض على السلطة الوطنية... !!!! ما هكذا تورد الإبل يا سعد، ما هكذا...؟؟
لأمين عام حزب الله نقول القضاء العسكري الفلسطيني تولى مسألة المرحوم نزار بنات، بعد أقل من أسبوعين، ومحاكمته للمتهمين الأربعة عشر المحتجزين في سجونه لا تزال متواصلة لأجل الوصول إلى الحكم العادل، لكن قضية الانفجار المروع الذي أطاح بمرفأ بيروت، وحصد العشرات من الضحايا الأبرياء ما زالت لا تعرف طريقا للقضاء اللبناني بعد مرور أكثر من عام عليها لمعرفة المسؤولين عنها وللحكم فيها....!! ولن نسأل لماذا، فهذا شأن داخلي لبناني لن نتدخل فيه، ونتدخل في ما يعنينا, إن شؤوننا الداخلية أمر نحن الذين نتكفل فيه، ونقبل النصيحة، بصدر رحب وشكر جزيل، لكننا لن نقبل أن يملي علينا أحد ماذا ينبغي أن نفعل في هذه المسألة او تلك، من مسائل شؤوننا الدخلية، وبالقطع لن نقبل لغة الفتنة والتحريض ولا من من أي طرف كان، وعلى هذه القاعدة ننصح أمين عام حزب الله بضرورة تسهيل المضي في التحقيق بكارثة مرفأ بيروت، ليعرف الشعب اللبناني المسؤولين عنها وأحالتهم إلى محاكم القضاء اللبناني للحكم في هذه القضية حكما عادلا، ودم الضحايا لن يقبل بغير الحكم العادل في هذه القضية.