حديث الخارطة
كتب رئيس تحرير صحيفة الحياة الجديدة
فلسطين التاريخية، هي فلسطين الواقعية، وليس بوسع أية تسويات سياسية أن تغير شيئا من هذه الحقيقة، وإذا كانت الجغرافيا بحدود التسويات السياسية، ستضع فلسطين الواقعية في إطارات جديدة، غير أن ذلك لن يبدل شيئا من حقيقتها الجغرافية التاريخية.
"كانت تسمى فلسطين.. وصارت تسمى فلسطين" ودون أن يدري، ودون أن يريد، يعترف الإعلام العبري بهذه الحقيقة، وهو يواصل تحريضه العنصري الإرهابي على الرئيس أبو مازن فيقول بالنص: "إن الرئيس عباس يكذب علينا، وعلى العالم، ويقول إنه يريد حل الدولتين، ويضع خارطة فلسطين التاريخية، على مبنى سفارته بتونس "...!!!
وأية خارطة على الرئيس أبو مازن أن يضع على جدار سفارة بلاده، في بلاد الشقيقة تونس خارطة أرض العرب التي في المريخ.!!! لن يضع غيرها فلسطين التاريخية نعم، كانت هذه خارطتها، وما زالت، وستبقى، حتى لو وضعتها التسويات السياسية في إطار مغاير. وعلى ما يبدو فإن هذه الحقيقة حاضرة تماما في اللاوعي لصناع الاعلام العبري وبكلماتها مثلما هي، ولطالما كان اللاوعي هو الذي يعترف بالحقيقة التي يحاول الوعي دائما نفيها..!!!
وفي هذا اللاوعي لصناع الاعلام العبري فإن اسرائيل، كمثل نظرية يصعب اثباتها، ولهذا لا يرى هذا اللاوعي، أية خارطة لإسرائيل، وحتى في وعيه الاستعماري لا يرى هذه الخارطة، لأنه في الواقع لا وجود لها، لا في ورق السياسة، ومواثيقها، ولا في تعريفات الدولة، وشروطها، ولا حتى على الأرض التي تقف من فوقها الدبابات الاسرائيلية، لأنها ببساطة دبابات احتلال، وليس بوسع الدبابات أن تغير شيئا من تاريخ الجغرافيا وطبيعتها، حتى لو قسمتها بجدران الفصل العنصري، ما هو موجود فعلا وواقعا، خارطة فلسطين وحدها، التاريخية، والواقعية، وهذا ما اعترف به الاعلام العبري دون أن يدري، ودون أن يرغب بذلك بكل تأكيد..!!!
أما عن الكذب، فالواقع يقول إن اسرائيل اليمين العنصري المتطرف وحدها التي تكذب، الاعلام العبري يتهم الرئيس أبو مازن بالكذب بشأن حل الدولتين، فيما هو يكذب وبشكل مفضوح، وهو يذكر هذا الحل، وعلى نحو كأنه دفاع عنه، ويوحي أن اسرائيل مع حل الدولتين، لا بل كأنه يقول إن هذا الحل بات على طاولة المفاوضات في هذه المرحلة....!!!!
حتى اللحظة تتحدث اسرائيل اليمين العنصري المتطرف بسياسة العنف والاستيطان والعدوان، للإجهاز على حل الدولتين، الحل الذي ما زال الرئيس أبو مازن يدعو له بحراك سياسي لافت، وبخطاب بالغ الوضوح، وهو يؤكد ضرورة التفاوض النزيه على قاعدة قرارات الشرعية الدولية.
على الاعلام العبري أن يدرك، وهو لم يستطع تجاهل حقيقة فلسطين بخارطتها التاريخية، أن الشعب الفلسطيني بقيادة الرئيس أبو مازن، قد أسكن وقائده هذه الخارطة، قلبه وذاكرته، وحتى حين الحل الممكن، والذي يظل حتى اللحظة، حل الدولتين، فإن فلسطين التاريخية، تظل هي فلسطين الواقعية، في دولتها المقبلة، من رفح حتى جنين، بعاصمتها القدس الشرقية، وسيجعلها السلام العادل مع جارتها، في بيئة آمنة ومستقرة ومزدهرة.