على مشارف الذكرى
كتب رئيس تحرير صحيفة الحياة الجديدة
ندخل بعد بضعة أيام في العام السابع والخمسين من عمر حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح، من عمر الثورة الفلسطينية المعاصرة التي أشعلت فتح شعلتها التي دحرت عتمة النكبة، وأطاحت بخطاب الضياع، واليأس والقنوط، ومزقت خطاب الاتكاليات اللغوية، التي انطوت عليها شعارات التحرير القومجية، بعد أن أضاءت دروب النضال الوطني التي راحت تتجسد بالغة الوضوح بالقرار الوطني المستقل من أجل أن يتقدم هذا النضال نحو تحقيق كامل أهداف وتطلعات شعبنا الفلسطيني العادلة، والمشروعة.
ستة وخمسون عاما مضت، و"فتح" على هذه الدروب، تتقدم بخطى واثقة نحو الهدف ذاته، والغاية الوطنية الكبرى ذاتها حيث الحرية والعودة والاستقلال تحت رايات دولة فلسطين، بعاصمتها القدس، جوهرة التاج الفلسطيني، وأيقونة السلام، والمحبة، والتسامح السماوية.
ستة وخمسون عاما و"فتح" هي الفداء والبناء، من أول الرصاص، إلى أول الحجارة، وحتى دولة البشارة التي تبنيها اليوم حجرا فوق حجر، وتؤسس ملامحها وحضورها، قرارا إثر قرار وإنجازا إثر إنجاز وقد جاءت لها قبل هذا اليوم بمقعد المراقب في الأمم المتحدة ورفعت علمها هناك في باحتها حيث أعلام الأمم جميعا.
سنوات كلها كانت للبناء والتأسيس والتكوين لأسس الدولة، وزارات، ومؤسسات، واتحادات، ونقابات وجمعيات وطنية وأهلية، تربوية، وثقافية، وفنية، مدارس وجامعات، ومشافٍ، شوارع، وأبنية مساكن وشركات وهيئات متنوعة.
شرطة، وقوات أمن، ودفاع مدني، بعقيدة وطنية راسخة، وإعلام وطني بإذاعة وفضائية فلسطينية بأكثر من قناة، صحف عدة، ووكالة أنباء رسمية كمثل سنديانة وارفة، وجائزة فلسطين للتميز، والإبداع المعرفي، والفكري، والأدبي والفني.
ستة وخمسون عاما و" فتح " تقول وتؤكد فلسطين أولا ودائما، فتوسع خيمتها الجامعة، بديمقراطية الشعلة ذاتها، شعلة الثورة، وقد تجلت وتصدقت هذا الديمقراطية قبل هذا اليوم في غابة البنادق، وتترسخ اليوم بقوانين الحكم الرشيد وسياساته، وقيم التفتح بإجراءاتها الحضارية، من الانتخابات، إلى ملاحقات العطل، والخلل، والفساد بمراجعات النقد والمساءلة الحاكمة، إلى إقرار مبدأ تكافؤ الفرص في الوظيفة العامة، وقد هيأت لذلك المدرسة الوطنية للإدارة.
ستة وخمسون عاما، و"فتح" حكمة الرصاصة، وشجاعة السياسة إلى حد الاختراقات المستحيلة، بحكم صلابة التمسك بالثوابت الوطنية.
ستة وخمسون عاما و"فتح" الشهداء والأسرى، من لجنتها المركزية حتى أبسط قواعدها التنظيمية، وستة وخمسون عاما، وقيادتها تمسك بجمرة الحق، كمثل ما يمسك المؤمن بجمرة الدين، لا تفريط ولا مساومة، ولا متاجرة، وبصوت الرئيس أبو مازن اليوم لا تبديل بشرع فلسطين تماما كمثل لا تبديل بشرع الله وكلماته المقدسات.
وستة وخمسون عاما فتح القدس في قرة العين وحشاشة القلب ومركز العقل وبرنامج النضال الوطني، أن تحظى بسلامها، عاصمة لدولة فلسطين، ودائما شاء من شاء وأبى من أبى.