في الطريق إلى برقة
كتب رئيس تحرير صحيفة الحياة الجديدة
تسمرنا ليلة السبت الماضي أمام شاشة تلفزيون فلسطين، ومراسلوه شبانا، وشابات، ينقلون من الميدان مباشرة، تصدي الحشود الشعبية التي توافدت إلى بلدة "برقة" إثر النفير الفتحاوي، يتقدمها عضو مركزية "فتح" محمود العالول، لمحاولات المستوطنين السيطرة مرة أخرى على مستوطنة "حومش" التي أقيمت على أراضي البلدة.
كان تلفزيون فلسطين بقناتيه العامة، والمباشر، جنبا إلى جنب مع هذه الحشود الشعبية، في التصدي لمحاولات هؤلاء الغرباء المسلحين بقوات الاحتلال الإسرائيلي، فاضحا إرهابهم وعدوانهم العنصري العنيف للعالم أجمع، ومعلنا جدوى المقاومة الشعبية التي منعت عودة المستوطنين إلى مغتصبة "حومش".
بعد هذه الليلة التي أدمعت عيوننا فرحا، بصلابة المدافعين عن الأرض، والمستقبل أن يكون مستقبل الحرية والعودة والاستقلال، وأبهجتنا بمهنية تلفزيون فلسطين الوطنية الراوية لواقع المقاومة الشعبية والناطقة بلسان المشروع الوطني التحرري، بعد هذه الليلة، وفي صباح اليوم التالي دعا المشرف العام على الإعلام الرسمي الوزير أحمد عساف طواقم العمل الإعلامي الرسمي، طواقم التلفزيون ووكالة "وفا" في مدن الشمال، إضافة لرئيس تحرير صحيفة "الحياة الجديدة" لاجتماع في مدينة نابلس، ولم يكن هذا الاجتماع لغير الإشادة بدور هذه الطواقم، وعملها الميداني وأهمية هذا الدور في الدفاع عن المشروع الوطني، وحماية المقاومة الشعبية إذ ينقل من الميدان مباشرة، وقائعها ورواياتها للعالم أجمع، والإشادة الأوسع والأهم كانت لجماهير هذه المقاومة، وكان لا بد هنا من الذهاب إلى برقة حيث أهلها المرابطون على حدود أراضيهم مانعين "حومش" أن تكون.
في الطريق إلى "برقة" كان لابد من المرور على إقليم حركة فتح في رفيديا نابلس الذي استقبل المشرف العام وطواقمه بالتهنئة والإشادة بالدور الذي كان لتلفزيون فلسطين في نقل وقائع المواجهة في "برقة" وإثرها توجه الجمع الإعلامي الرسمي، قاصدا البلدة الصامدة سائرا في طرق يصعب وصف صعوبتها، لكن االلهفة للقاء أهل المقاومة، وساحة الميدان، كانت وحدها تجعل هذه الطرق في غاية السهولة، وهناك استقبلت الفعاليات الرسمية والتنظيمية والشعبية البرقاوية هذا الجمع بابتهاج وتقدير، واستمع الجمع الإعلامي إلى تفاصيل المواجهة، وكيف تمت، والقرار الحاسم لأهل البلدة أن لا مكان لـ "حومش" على أراضيها، وبدوره أكد المشرف العام على ثبات الموقف المهني للإعلام الرسمي، وهو الإعلام الوطني بامتياز، وبكافة أدواته، ووسائله المرئية والمسموعة والمقروءة، في التواجد في ساحات المواجهة، ونقل وقائعها على نحو مباشر، تعزيزا لمسيرة المقاومة الشعبية، وحماية لها، وفي أي مكان كانت على امتداد أرض الوطن.
تبقى ثمة ملاحظة واجبة، حيث كان تلفزيون فلسطين ينقل، وعلى الهواء مباشرة، وقائع المقاومة الشعبية الباهرة، ضد قوات الاحتلال، وحشود المستوطنين، والتي كانت "فتح" قد استنفرتها بنفيرها العام، وحيث عضو مركزيتها محمود العالول وسط الميدان، كانت فضائيات الجهاد وحماس لا هم لها سوى الهجوم على "فتح" والسلطة الوطنية(...!!) وهي تردد اسطوانتها المشروخة عن التنسيق الأمني...!! وفي ذات الوقت غابت فضائيات عربية عدة عن هذا المشهد والتي كانت عادة ما تسلط أضواءها على تظاهرات من عشرات الأشخاص، إذا ما كانت ضد السلطة الوطنية ....!!
نقاوم نحن هنا، وهنا نتصدى، ونخوض معركة الاستقلال الوطني، ويتصارخون هم بالافتراء هناك، من استوديوهاتهم الحافلة بالتمويلات الفارهة..!! لكن طائر الحي سيشجي في المحصلة لأنه طائر الوطن، ولأنه هنا دائما في الميدان، يروي حكاية فلسطين كما هي في وعدها الراسخ الذي هو وعد الحق ووعد الانتصار.