سياسة الفعل الوطني .. لا سياسة الخطاب
كتب رئيس تحرير صحيفة الحياة الجديدة
لا نعتقد أن سياسة الرئيس أبو مازن في إدارته لشؤون الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بحاجة لإعلام يدافع عنها في مواجهة اللَّغط، والافتراء الذي تواصله القوى الخاملة، والخارجة عن الصف الوطني، وبقدر ما هي سياسة حكيمة، وشجاعة، وراسخة الصواب الوطني، واقتحامية تماما في تحدياتها وخوضها في الدروب الملتبسة والشائكة، بقدر ما هي واضحة، وبليغة المصداقية بما اكد ويؤكد أنها لم تكن في يوم من الأيام سياسة مخاتلات، وخطابات استهلاكية، وتسويات انتهازية، كمثل تفاهمات التهدئة مثلا، ولهذا وبحكم هذه الحقيقة، وهذا الواقع، فأنها ففأن نها سياسة لا تحتاج إلى أي دفاع من أي نوع كان.
لا يخشى الرئيس أبو مازن ولم يخش في يوم من الأيام، بوطنيته المسؤولة، أقاويل البيانات الشعبوية، المحمولة على غاياتها الفئوية، والحزبية الضيقة، والممهورة بتواقيع قوى إقليمية، لطالما كانت فلسطين خارج حسابات مصالحها، واهتماماتها السياسية ...!! وعلى نحو ما تقتضيه الضرورة الوطنية في تحقيق الاشتباك الأجدى مع الاحتلال الإسرائيلي، خاصة في هذه المرحلة التي تشهد احتداما في ربع الساعة الأخير من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، يذهب الرئيس أبو مازن ليلتقي الوزير الإسرائيلي "بيني غانتس، لا لتبادل التحايا، وتزجية الوقت، وإنما ليحرض على ضرورة تخليق فرصة جديدة للسلام الممكن أولا، وفي السياق تسوية العديد من الملفات العالقة، بشأن لم الشمل وأموال المقاصة الفلسطينية، وحال النضال الوطني الفلسطيني منذ طلقته الأولى، قائم على مبدأ خذ وطالب، وهذا ما يقتضي بصدد هذا المبدأ، أن تشتبك مع العدو بالحوار والتفاوض، لا أن تقصفه بالحروف السمينة في خطاباتها الاستهلاكية ..!!
وما من شك أن ما قاله الرئيس أبو مازن في كلمته بذكرى الانطلاقة عن صبرنا الذي نفد قد أكده للوزير الإسرائيلي "غانتس" وبما يعني أننا لن نرضخ لسياسات العنف والإرهاب الإسرائيلية، وإذا ما تواصلت هذه الساسيات، فإننا مقبلون على اشتباكات أوسع في دروب المقاومة الشعبية، وعلى إسرائيل أن تعي ذلك جيدا، ولا سبيل أمامها من أجل الأمن والاستقرار، سوى الجلوس إلى طاولة المفاضات لحسم الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وتحقيق التسوية العادلة، على قاعدة قرارات الشرعية الدولية.
لقاء الرئيس أبو مازن بالوزير الإسرئيلي "غانتس" هو لقاء الفعل الوطني الفلسطيني الشجاع، الذي حقق اختراقا في جبهة اليمين الإسرائيلي المتطرف، ويمكن القول إن ردة الفعل العنيفة التي أظهرها اليمين الإسرائيلي المتطرف ضد هذا اللقاء، وحدها تؤكد حقيقة هذا الفعل وصوابه، وشجاعته.
ولأمر غاية في الأهمية ذهب الرئيس أبو مازن ليلتقي الوزير "غانتس" حتى يؤكد للمجتمع الإسرائيلي أولا، وللعالم أجمع أن الشريك الفلسطيني لصنع السلام حاضر باستمرار لأية مبادرة تدفع باتجاه تحريك عملية السلام، ولعل الإدارة الأميركية التي رحبت بهذا اللقاء قد صادقت مجددا على حقيقة الشريك الفلسطيني، وحضوره الإيجابي، ومصداقية هذا الحضور، والأهم إنها بمثل هذا الترحيب تحرض على تخليق الشريك الإسرائيلي للمضي في طريق حل الدولتين، وعلى رأي الصحفي الأميركي اليهودي "توماس فريدمان" أن من كان مع هذا الحل بات صديقا له، فهل تكون إسرائيل من أصدقاء "فريدمان" لتنصت له، ولما أكده في مقابلة متلفزة مع قناة الجزيرة قبل عدة أيام، أنه ما من خيار أمام اسرائيل لتحقيق أمنها واستقرارها إلا بحصول الفلسطينيين على حقوقهم وقيام دولتهم المستقلة.
هي معركة الحرية والتحرر معركة الاستقلال الوطني، التي نخوض في كل ساحاتها، الميدانية، والسياسية، والدبلوماسية، والهدف هو ذاته الوطني التحرري أن ننتهي من هذا الاحتلال البغيض، وأن نعلي رايات الدولة المستقلة من رفح حتى جنين، على أسوار القدس عاصمة أبدية لفلسطين.