الشيخ في مقامه
كتب رئيس تحرير صحيفة الحياة الجديدة
هو سليمان الهذالين.. أكثر من خمسة عقود وهو يلاحق الاحتلال بالحجر والهتاف، وحين أحنى الدهر ظهره، بات يلاحق الاحتلال بعكازه، وعلم فلسطين دائما برفقة هذا العكاز.
خمسة عقود وأكثر، لا خوف، ولا وجل، ولا تردد، ولا تراجع، ولا مساومة، و"أم الخير" باحته التي أعلى فيها راية المقاومة الشعبية، بعكازه الذي بات بعد الآن إرثا لا "لأم الخير" وحدها وإنما لفلسطين بأسرها، إرثا يعلو كمثل شجرة مباركة، وقد روتها دماؤه الطاهرة، وستواصل روحه ريها وهي في السماوات العلى إذ لا يمكن نسيان هذا العكاز/ الشجرة، وبالقطع لا يمكن نسيان سليمان الهذالين الذي استوى باستشهاده على عرش مقامه، أيقونة للمقاومة الشعبية، وشيخا جليلا من شيوخها.
هل يتفحص الاحتلال الإسرائيلي المعنى الملحمي، في ثبات سليمان في دروب المقاومة الشعبية طوال حياته؟ هل له أن يدرك قبل فوات الأوان أن شعبا هؤلاء هم شيوخه، وقد رأى وواجه قبل ذلك، وما زال يواجه أطفاله، وشبانه، وفتياته، ورجاله، ونساءه، فرسانا، وفارسات في دروب التحدي والصمود والمطاولة، ولا من ملمح واحد يشي بأنهم على استعداد للتراجع والنكوص؟ هل يتفحص الاحتلال الإسرائيلي هذا المعنى...؟؟ هل يدرك أن عبثه الاحتلالي العنيف، وغطرسته العنصرية لن تجدي نفعا مع شعب هو هذا الشعب الذي لا يكف عن أسطرة حضوره المقاوم؟
على الاحتلال أن يقرأ جيدا سيرة الشيخ سليمان لعله يتعقل قليلا ليدرك أن الدبابة ليست بيتا لتزدهر فيه الحياة...!! وأن حواجزه العسكرية في طرقات وشوارع الفلسطينيين لا تسد لهم دروبا للمقاومة، وأن سياسته العنيفة ضدهم، لن تؤمن له مستقبلا آمنا، وأن جرافاته الهدامة لبيوتهم لن تقيم له بنيانا مستقرا، وأن غطرسته لن تحقق له أية قيم أخلاقية سامية...!!
هل ثمة عقلاء في إسرائيل ليبحثوا في هذه الحقائق ويتأملوا هذه المعاني..؟؟ قتلت مركبات جيش الاحتلال سليمان الهذالين، لكن هذا الجيش بقضه وقضيضه لن يكون باستطاعته أبدا أن يقتل سيرته العطرة، وتاريخه المشرف ومكانته الأيقونية، والأهم الأهم لن يكون باستطاعته أن ينال من إرادة أهله وأبناء شعبه الواضحة تماما بعكاز الشيخ أنها تظل أبدا عصية على الانكسار.