الأسير الزبيدي يروي تفاصيل حول انتزاعه حريته مع 5 آخرين من سجن "جلبوع"
روى الأسير المناضل زكريا الزبيدي، لأول مرة لمحامية هيئة شؤون الأسرى والمحررين حنان الخطيب، التي تمكنت من زيارته بعزل سجن "ريمونيم"، حكاية انتزاع حريته مع خمسة أسرى آخرين من سجن "جلبوع".
وقال الأسير الزبيدي: "كنت أقبع بقسم 4 بسجن جلبوع عندما توجه لي قبل حوالي أسبوعين من العملية الأسير أيهم كممجي قائلا "في طلعة"، وسألني عن استعدادي لذلك فقلت له "أنا اللي بطلع".
وأضاف: "قبل أسبوع من العملية طلبت الانتقال لغرفتهم لأطلع على الموضوع، وعندما دخلت ورأيت الحمام، عرفت أننا سننجح بالخروج، سألتهم عن التكتيكات والخطة المرسومة وكيف سنسير بالنفق لأنني لم أجرب الدخول للنفق من قبل، فأخبروني بأن السير سيكون يد للأمام ويد للخلف، والمشي بطريقة الحلزون ولكن يوجد مقطعين يجب النوم على الظهر والسير زحفا".
وتابع: "يوم العملية جاء أحد السجانين ومعه شخص وبدأ بفحص فتحة المجاري، فرأى ترابا مبلولا فثارت الشكوك بداخلنا، ومباشرة تدخلت ووقفت بينهم، وبدأت بمناداة الأسرى لجلسة لخلق حالة إرباك وعندها أطبقوا الفوهة وذهبوا للتفتيش والفحص بالغرفة المجاورة غرفة رقم 4، عندها أخبرت الشباب أن الوضع لا يحتمل ويجب أن نخرج الليلة من النفق".
وأشار الزبيدي "بالبداية دخل النفق الأسير مناضل انفيعات، وتلاه محمد العارضة، وبعدها يعقوب قادري وأنا وبعدي أيهم كممجي، وآخرنا كان محمود العارضة، وداخل النفق علقت وشعرت أن جسمي لا يتحرك حوالي ربع ساعة وكانت المنطقة مظلمة، وعندها طلب مني أيهم ومحمود مواصلة المسير، وأخبرت يعقوب الذي كان أمامي بأنني عالق فظن أن الحقيبة تعرقل مسيري فقام بسحبها مني، فقلت له أن جسمي عالق بالنفق وأنا لا أستطيع التحرك، وبعد محاولات عديدة تركت نفسي وواصلت المسير".
وقال "وصل يعقوب فوهة النفق منهك القوى وتعب، أما أنا فرفعت يدي وقام مناضل انفيعات بانتشالي وإخراجي من فوهة النفق وخرجنا جميعا، وعندما قطعنا الشارع كادت سيارة أن تدهس أيهم، حينها أيقنا بأنه سيتم الإبلاغ عنا، فقلت لهم سنقطع أرض القطن بسرعة لأنهم سيبلغون عنا ويجب أن نجري، وأثناء ذلك رأينا طيارة هيلوكوبتر وسيارات شرطة، فتأكدنا أنه تم الإبلاغ عنا".
وأضاف "بعد حوالي كيلو متر من المسير تعب يعقوب ولم يعد يقوى على الجري فتوقف وقال لنا اتركوني واذهبوا، المهم أن تنجوا أنتم فرفضنا جميعا، وقلت له اتكئ علي وأنا سأسندك، فاستند علي وواصلنا المسير حيث كنا نمشي بأرض زراعية محفورة، إلى أن وصلنا إلى قرية الناعورة، وهناك اغتسلنا بالجامع واستبدلنا ملابسنا، وبعدها عندما لم تأت السيارة لنقلنا، خاب أملنا وقررنا الانفصال لأزواج وكان نصيبي مع محمد العارضة".
وأشار "واصلنا أنا ومحمد المسير بطريق لا نعرفها، وكان همنا الخروج من البلدة، مشينا حوالي 7 ساعات وعندما جاء النهار أحسست بجسم يرتطم بالأرض فقال لي محمد إنها أبقار".
وتابع الزبيدي "وأنا جالس ومحمد العارضة بأحد الأحراش، رأيت شجر الصنوبر الذي زرعه الاحتلال الإسرائيلي مكان شجر الزيتون، وكان بجانب إحدى الشجرات فروع وعروق زيتون قد نبتت بجانبها فقلت لمحمد: تفرج وشوف كيف زرعوا صنوبر محل الزيتون بس الأساس طالع من جذره، قطعوا الزيتون بس نسيوا أن له مد، هم يقطعوا الشجرة لكن ما بقدروا يقطعوا مد الزيتون".
وقال "قبل اعتقالنا بيوم اختبأنا بمبنى قيد الإنشاء، وقد دخلت الشرطة الإسرائيلية لتفتش عنا ولم تجدنا، وقد كنا مختبئين بالطابق الثاني، وكنت كل يوم أتسلق على شجرة للاستطلاع، وتفاجأت من حجم التحركات والتفتيش عنا، وإغلاق الأماكن لم يكن طبيعيا وبحجم التحركات والوسائل التي استعملتها الشرطة الإسرائيلية لم أتوقع أن نصمد بالخارج 6 أيام دون اعتقالنا، علما أنهم وصلوا بمقربتنا عدة مرات ولم يعثروا علينا".
وأضاف "كان معنا أجهزة راديو وقد علمنا من الأخبار أنه تم اعتقال محمود ويعقوب، ولكننا لم نخف، حتى وأننا بينهم ويحاصرونا لم نخف، فنحن طلاب حرية ليس إلا".
وتابع "ذهبنا لاستكشاف ما حولنا فرأينا أرضا بها خروب فأكلنا منه، وبالصدفة مر شخصان "بتراكتورون" نزل أحدهم وأعطانا زجاجة ماء وبعد أن ذهبوا حاولنا الركض لأننا شعرنا بأنهم سيبلغون عنا، اختبأنا حوالي ساعتين تحت شجرة وكانت سيارات الشرطة تمر من جانبنا وتذهب، بعدها رآنا شخص كان برفقة طفلة صغيرة فتحدث معه محمد وأنا جلست وسلمت على الطفلة، ولكن للأسف بعد دقائق رأينا طائرات الهيلوكوبتر وقوات كبيرة من الشرطة فدخلنا تحت سيارة كبيرة".
يتابع الزبيدي "كان محمد يضع على رأسه حجرا كحماية وبعد مرور حوالي 3-4 ساعات تعب محمد من الحجر، ما اضطره للتخلص منه وعندما رماه رآه أحد الجنود وتم اعتقالنا، بالقرب من قرية أم الغنم في منطقة الجليل الأسفل بتاريخ 11 أيلول/سبتمبر من العام الماضي".
يشار إلى أن الأسير الزبيدي من مخيم جنين، ويعتبر من رموز انتفاضة الأقصى، وهو من عائلة مناضلة، وشقيق المحررين يحيى وداوود الزبيدي، ووالدته وشقيقه استشهدا خلال اجتياح مخيم جنين عام 2002، كما أنه انتخب في المؤتمر السابع لحركة فتح عضوا في المجلس الثوري، ومدير عام في هيئة شؤون الأسرى والمحررين.
وهذا هو الاعتقال الخامس للأسير الزبيدي، حيث اعتقل أول مرة وهو قاصر خلال انتفاضة الحجارة، كما أنه متزوج وأب لابن وابنه.