عرسنا البهيج
كتب رئيس تحرير صحيفة الحياة الجديدة
ابتهجت محافظات الوطن الشمالية، بعرسها الديمقراطي في الانتخابات المحلية ومحافظات الوطن الجنوبية في القطاع المكلوم، تفرح لشقيقاتها الشماليات، وتصفق لعرسها ولا شكّ، ولكن وبلا شك أيضًا، بغصة في القلب، وحسرة في الروح، إذ يغيب هذا العرس عنها لأن حركة حماس تمنع الانتخابات فيها من أي مستوى كانت..!!!
لا يسأل الحمساويون هنا في المحافظات الشمالية أنفسهم هذا السؤال: لماذا نخوض الانتخابات المحلية هنا بمنتهى الحرية تحت رعاية السلطة الوطنية، وبحمايتها، وقيادتنا في غزة تمنعها بمنتهى الإصرار والعسف...!! لعل هذا السؤال، هو سؤال التقوى، ومخافة الله العلي القدير في عباده ولا شك أيضًا أنه سؤال المصداقية، فليست الديمقراطية قيمة تقبل المعايير المزدوجة، مهما كانت ذرائعها، كما أنها ليست عود الثقاب الذي لا يشتعل لغير مرة واحدة، ومن يراها كذلك، ليس غير الانتهازي، والوصولي الغوغائي، وهذا لاعلاقة له بأي مشروع تحرري للوطن، ولا بأي مشروع حضاري للمجتمع، ولا بأي تطلع معرفي وتقدمي للحياة بأسرها !!
صندوق الاقتراع في المجاز والكناية، كمثل صندوق الدنيا، جامع لشؤونها من أجل أن يختار الناس بأصواتهم، النخب القادرة على إدارة ما يرون من شؤون لازمة، وما يتطلعون لحاجات، ومتطلبات لتسيير أمور دنياهم.
ولعلنا نرى في الحديث الشريف للرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم " أنتم أعلم بشؤون دنياكم". صندوق الاقتراع، في تأسيسه المعرفي، والعقائدي، والتقوي إن صح التعبير، وعليه وحماس تمنع هذا الصندوق، في قطاع غزة المكلوم، فإنها لا تنصت حقًّا لهذا الحديث الشريف، بل وتتجاهله على نحو ما تريد من هيمنة، وسيطرة تعسفية، وبخطاب انتهازي لا يعرف حدودا للكذب..!!
كيف إذن يقبل الحمساويون هنا هذا التناقض الصّارخ، بأي منطق يمكن لهم أن يبرروا هذه الانتهازية، التي ليس لها في المحصلة غير غاية واحدة، غاية الأنانية المطلقة، المحمولة على مقولة "ومن بعدي الطوفان" فهل يرضى الحمساويون إذا ما تفحصوا هذه الحقيقة أن يأتي طوفان الاحتلال الإسرائيلي على كل تطلعات فلسطين في الحرية والاستقلال، لكي تنجو حماس بإمارتها فقط...!
الانتخابات بأي مستوى كانت، مؤشر على مدى مصداقية طروحات أي فصيل، وأية قوى سياسية واجتماعية، بشأن التصدي لأعباء المهمات الوطنية التحررية من جهة، والاجتماعية التحضرية، والبنائية من جهة أخرى.
مؤشر لا يخطئ التقييم، والتوصيف، والمخرجات في المحصلة، فأين هي حركة حماس من كل ذلك...؟
يبقى أن نقول: الانتخابات المحلية جرت والحمد لله وأيا كانت النتائج،وإن كانت ألأولية منها تشير الى تقدم فتح في معظم المحافظات الشمالية فأن الديمقراطية ستبقى هي سيدة النظام السياسي الفلسطيني وتترسخ تباعا على نحو أصيل، وفي المحصلة ستبقى هي النتيجة والغاية الأهم، لأنها بعد كل قول هي الحياة التي ننشد من أجل أن نواصل مسيرتنا الحرة نحو تمام الحرية والاستقلال.