أحابيل دعائية
كتب رئيس تحرير صحيفة الحياة الجديدة
ينصت البعض من رواد "الفيسبوك" ومنصات التحليلات الرغبوية، لخطاب الخصوم، ولا نعني هنا خطاب المعارضة، إن وجد هذا الخطاب بلغته الوطنية المسؤولة، ولا نعني بخطاب الخصوم أيضا خطاب الاحتلال الاسرائيلي، فهذا بمرتبة الخطاب العدو الذي نواصل منازلته على مستويات مختلفة، والخصوم وحدهم من لا يرون هذه المنازلة، لا بحكم عمى البصيرة فحسب، وإنما كذلك بحكم قصدية الغايات السياسية، والحزبية، المناهضة لحركة التحرر الوطني الفلسطينية، ومشروعها التحرري، والتي يضمرها الخصوم من أصحاب الهويات الحزبية الاسلاموية، عديمة المشروع الوطني..!!
وثمة فضائيات إخبارية عديدة، ما زال شغلها الشاغل الترويج لخطاب هؤلاء في الخبر، والتحليل السياسي، والإخباري، وحتى في بعض مقابلاتها الحوارية (...!!) العابرة لشروط النزاهة، والموضوعية المهنية، بأسئلتها وتلميحاتها المحمولة على الضغينة، والنوايا التأمرية .!!
ولا ينتبه هذا البعض مع الأسف الشديد، لطبيعة خطاب الخصوم الهروبية إن صح التعبير، فهو إذ يرمي حركة التحرر الوطني الفلسطينية، ومشروعها التحرري بكل نقيصة مفبركة، فلأنه يهرب في الواقع من تعريف نفسه، وتعريف مشروعه بحكم أنه مشروع إقصائي، لا يجرؤ الإعلان عنه بشكل صريح، فيختبئ خلف محاولات شيطنة المشروع الوطني، وقيادته، وهذا ما تفعله بشكل دؤوب حركة حماس في منوعات خطابها الإعلامي الذي ما زالت تلك الفضائيات تروج له بهذه الصورة أو تلك، كي تجعله خطاب الحقيقة (...!!) وهو ليس إلا خطاب الخديعة والوهم والمزايدات الشعبوية، والانتهازية المأفونة..!!
وغير ذلك لا ينتبه أولئك الناصتون لخطاب الخصوم إلى مستوى الفبركة اللغوية في هذا الخطاب، وكم التلفيقات والإدعاءات الواردة فيه، حتى باتوا يرددونها كمعلومات (...!!) لا يأتيها الباطل من أية جهة..!!
وعلى سبيل المثال لا أكثر ولا أقل، فإن موضوع التنسيق الأمني الذي لا يخلو خطاب حماس منه، وهو يقدمه كمثلبة مطلقة ضد السلطة الوطنية، بات يردده البعض، دون أي تفحص معلوماتي، وحتى دون النظر إلى واقع الصراع المحتدم الذي يشير إلى انعدام هذا التنسيق، بكل ما يتعلق بالصراع وسبله وأدواته.
لا نتطلع لأمر سلطوي هنا، ولا ندعو لغير التفحص الموضوعي لخطاب الخصوم لإدراك طبيعته المأفونة، بوسع هذا التفحص مع شيء من التقوى أن يكشف حقيقة هذه الطبيعة وغاياتها التآمرية في أساسها.
وبكلمات أخرى وأخيرة فان خطاب الخصوم لم يكن، ولن يكون يوما خطابا لفلسطين بروايتها، وهمومها، وجراحها، وتطلعاتها المشروعة والعادلة، فخطاب الخصوم بأقل توصيف له، ليس سوى خطاب لإشاعة الفرقة، والتشرذم، وبلبلة الرأي العام، حتى لا يجمع على قضية واحدة، ومرجعية واحدة، وبلغة التوتر والانفعالات عديمة المحبة والتسامح والألفة الوطنية، التي لا تنتج في المحصلة غير ثقافة الضغينة والكراهية ولا تقود لغير العدمية وهذا ما يتمناه الاحتلال وما يعمل من أجل تحقيقه بالرصاص الذي يجد في خطاب الخصوم بعض ذرائعه ...!!
يبقى أن نقول ما يقوله الواقع: حركة فتح بالاشتباك والدم في الميدان، وحماس بخطابها المخادع في المهرجان الاعلامي، في فضائيات الإخوان، مزاعم لا حصر لها، وادعاءات استعراضية، جعلت من الخط الأحمر، خطا ورديا لتزيين الخطاب وشعاراته ...!!