الشهيدة
كتب رئيس تحرير صحيفة الحياة الجديدة
من مدرسة الإعلام الوطني تخرجت الشهيدة شيرين أبو عاقلة، في إذاعة صوت فلسطين صدحت بكلمات الوطن في نشراته الإخبارية، وفي برامجه الصباحية، حملت من هنا شهادة الصوت البليغ، والكلمة الأمينة، لأجل رسالة الحقيقة، وظلت على هذا المنوال ببراعة الروح الوطنية، وأصالتها، فأبدعت حضورا لافتا في قناة الجزيرة القطرية، وكان العالم يراها في كل مواقع الاشتباك، وأينما كانت قوات الاحتلال الاسرائيلي تحاول قمع تظاهرات الصمود، والتحدي الفلسطينية.
سيظل الاحتلال الاسرائيلي يطارد كلمة فلسطين، الساعية لنشر رسالة الحقيقة، ومن أية منابر تنطلق، وفي أية شاشة فضائية تترسم بصورة وصوت فارساتها وفرسانها. بالرصاص القاتل يطارد الاحتلال هذه الكلمة التي لم يعد بوسع أحد طمسها والتشويش عليها، شيرين أبو عاقلة ارتقت اليوم شهيدة، بفعل رصاصة المحتل، لكن حضورها بالكملة الفلسطينية بات الآن أكثر سطوعا، وقد تجلت نجمة في سماوات فلسطين التي تشع بآلاف من نجوم الشهداء البررة.
الصحفيون الفلسطينيون، المراسلون، والمراسلات، وحملة الكاميرات التلفزيونية والفوتغرافية، كُتاب الخبر والتقرير، جميعهم من رواد ثقافة الحرية، ثقافة الحياة والتطلع والإنسانية، المناهضة لسيرة السلاح التي لا يعرف الاحتلال سواها، ولا يعرف سوى التوغل في دروبها المعتمة، إنه ذات ذاك الجنرال الذي كلما سمع كلمة ثقافة تحسس مسدسه وأعطى أوامره لمزيد من القتل لرواد الثقافة، ولهذا لا يمكن أن تكون الرصاصة التي اغتالت شيرين أبو عاقلة، رصاصة طائشة، بل رصاصة قناص من قوات الاحتلال، فقد أصابتها أسفل أذنها من تحت خوذة الصحفي التي كانت تلبسها، كانت رصاصة مصوبة تماما استهدفت شيرين ورسالتها.
حرب الاحتلال الاسرائيلي على الصحافة الفلسطينية وفرسانها، لم تتوقف يوما ولن تتوقف، سجل شهداء الصحافة والثقافة الفلسطيني حاشد بالمئات من الأسماء، وما تأخر الصحفي الفلسطيني، يوما، عن أداء واجبه المهني، والوطني في سبيل نشر رواية الحق الفلسطينية، وكشف جرائم الاحتلال وسياساته العنصرية العنيفة، ودائما من موقع الحدث والاشتباك، وبحكم هذه الحقيقة فإن رصاص الاحتلال لن يرهب أصحاب الكلمة الفلسطينية، الصادحين بها والناقلين لتفاصيل واقعها، وعلى هذا فإن قيام الاحتلال باغتيال شيرين أبو عاقلة، لن يرهب صحفيينا ولا بأي حال من الأحوال. سنقطع هذا الطريق الطويل إلى آخره، حيث الحرية والاستقلال؛ بالكلمة الأمينة المعبرة عن الحقيقة الفلسطينية، حقيقة القضية العادلة، والتطلع الإنساني النبيل لشعب فلسطين، في نضاله المشروع في سبيل حريته واستقلاله.
شيرين أبو عاقلة لن نقول وداعا وأنت اليوم هذه النجمة في سماواتنا، وإنما سنقول ونظل نقول: على هذه الدروب التي مشيت سنواصل المسيرة حتى نزرع لك طوق الياسمين على أسوار القدس حين هي بكامل حريتها عاصمة لدولة فلسطين.